اشتركوا في المعركة الهائلة التي جرت في حمص سنة ٦٨٠ بين الملك المنصور قلاوون الصالحي والتتار - وكانت الدائرة على التتار - مع أبناء عمهم آل فضل ابن ربيعة على ما سوف نذكره. وقد سبق لجد آل مراء أن انتصر على الصليبيين سنة ٥١٣ كما قدمنا، لذلك ليس بمستغرب بعد هذه الانتصارات أن يجل الملوك الأيوبيين والسلاطين المماليك قدر أمراء الأعراب ويكرمونهم ذلك الإكرام الذي نوه به الحمداني والعمري ويداورونهم جلباً لمنفعتهم ودرءً لمفسدتهم فهم كانوا في بعض الأحايين عضد أولئك الملوك والسلاطين في الخطوب ورديفهم في الحروب أن بروا وأبلوا نصروا ونفعوا وأن نقضوا وختروا ضروا وافسدوا.
وأما آل علي بن حديثة فهم وإن كانوا من ضئضيء آل فضل فقد انفردوا منهم حتى صاروا طائفة أخرى وديارهم مرج دمشق وغوطتها بين أخوتهم آل فضل وبني عمهم آل مراء ومنتهاهم إلى الجوف والجبابنة إلى تيما إلى البرادع. وإنما نزلوا غوطة دمشق حيث صارت الإمرة إلى عيسى بن مهنا وهم أهل بيت عظيم الشأن مشهور السادات إلى أموال جمة ونعم ضخمة ومكانة في الدول علية. وكان أميرهم رملة بن جماز بن محمد بن أبي بكر بن علي بن حديثة وكان جده أميراً ثم أبوه، قلد الملك الأشرف خليل بن قلاوون جده محمد بن أبي بكر أمرة آل فضل حين أمسك مهنا بن عيسى ثم تقلدها من الملك الناصر أخيه أيضاً حين طرد مهنا وسائر أخوته وأهله. ولما أمر رماة كان حدث السن فحسده أعمامه بنو محمد بن أبي بكر وقدموا على السلطان بتقادمهم وتراموا على الأمراء وخواص السلطان وذوي الوظائف فلم يحضرهم السلطان إلى عنده ولا أدنى أحداً منهم فرجعوا بعد معاينة الحين بخفى حنين ثم لم يزالوا يتربصون به الدوائر وينصبون له الحبائل والله تعالى يقيه سيئات ما مكروا حتى صار سيد قومه وفرقد دهره آه.
أما آل فضل فهم رأس الكل وأعلاهم درجة وديارهم من حمص إلى قلعة جعبر إلى الرحبة آخذين على شفى الفرات وأطراف العراق. قال ابن خلدون: هذا الحي من العرب يعرفون بآل فضل وهم رحالة ما بين الشام والجزيرة وبرية نجد من أرض الحجاز ينتقلون هكذا بينها في الرحلتين وينتهون في طيء ومعهم أحياء من زبيد وكلب وهريم ومذحج أحلاف لهم باين بعضهم في الغلب والعدد آل مراء ويزعمون أن آل فضل كلهم كانوا بأرض