فأما آل مراء بن ربيعة فقد كانت ديارهم من بلاد الجيدور والجولان إلى الزرقا والضليل إلى البصرى ومشرقاً إلى الحرة المعروفة بحرة كشت قريباً من مكة إلى شعباء إلى نيران مزبد إلى الهضب المعروف بهضب الراقي وربما طاب لهم البر وامتد بهم المرعى أو أن خصب الشتاء فتوسعوا في الأرض وأطالوا عدد الأيام والليالي حتى تعود مكة المعظمة وراء ظهورهم ويكاد سهيل يصير شامهم ويصيرون مستقبلين بوجوههم الشام. وقد تشعبوا إلى آل أحمد بن جحى وآل مسخر وآل نمى وآل بقرة وآل شما وبيت الإمرة فيهم في آل أحمد ثم صاروا يتقاتلون بقسمة الإمرة. ويدخل في حلفهم بنو صخر وزبيد حوران ويأتيهم من عرب البرية المفارجة وآل برجس والخرسان وآل حسين الشرفا وخثعم وعدوان وغيرهم.
قال: وآل مراء أبطال مناجيد ورجال صناديد وأقيال قل كونوا حجارة أو حديداٍ لا يعد منهم عنترة العبسي ولا عرابة الأوسي إلا أن الحظ يحظ بني عمهم بأكثر مما يحظهم ولم تزل بينهم نوب الحرب ولهم في أكثرها الغلب. قال الشيخ شهاب الدين محمود الحلبي: كنت في نوبة حمص في واقعة التتار (التي جرت سنة ٦٨٠) جالساً على سطح باب الأصطبل السلطاني بدمشق إذ أقبل آل مراء زهاء أربعة آلاف فارس شاكين في السلاح على الخيل المسومة والجياد المنطهمة وعليهم الكزغندات الحمر الأطلس المعدني والديباج الرومي وعلى رؤوسهم البيض مقلدين بالسيوف وبأيديهم الرماح كأنهم صقور على صقور وأمامهم العبيد تميل على الركائب ويرقصون بتراقص المهارى وبأيديهم الجنائب التي إليها عيون الملوك صوراً. وورائهم الظعائن والحمول ومعهم مغنية لهم تعرف بالحضرمية طائرة السمعة سافرة من الهودج وهي تغني:
وكنا حسبنا كل بيضاء شحمة ... ليالي لاقينا جذاما وحميرا
ولما لقينا عصبة تغلبية ... يقودون جرداً للمنية ضمرا
فلما قرعنا النبع بالنبع بعضه ... ببعض أبت عيدانه أن تكسر
سقيناهم كأساً سقونا بمثله ... ولكنهم كانوا على الموت اصبرا
وكان الأمر كذلك فإن الكسرة أولاً على المسلمين ثم كانت لهم الكرة على التتار فسبحان منطق الألسنة ومصرف الأقدار اه - قلت يظهر مما ذكره هذا الشيخ أن آل مراء بن ربيعة