مركز التربية شأناً وغاية، بدلاً من أن يعتمد على تنمية ما في الطفل من خصائص الراشد. فعوضاً عن أن يعبأ بتقوية عقله وصحة حكمه قبل الأوان، يعنى بإنماء قابليته للعمل الحر وتخيله التلقائي وإرادته العفوية والخصائص الغريزية من حساسيته. وباتقاء التقاليد التي تبغي إنماء مواهب الطفل الفكرية كالراشد وبنبذ وسائل الضغط والشدة، يعتقد بأنه يمكن أن يطلق العنان لقوى التشبث والابتكار التي تساعد الطفل عندما يبلغ أشده أن يعرب، في البيئة التي يعيش فيها، بوضوح جلي عن الفكر الخاص الذي يمتاز به عرقه وتقاليده.
وعندما يراد تنظم برنامج تربية لأجل المشاريع الفرنسية في قطر عربي، لا يسوغ إهمال الثمرات المقتطفة في الشرق من هذه المناهج التي تكافح الثقافة العقلية القديمة، انتصاراً لثقافة تباينها مستوحاة أحياناً من أسلوب خيالي حديث. وكثيراً ما تتراءى تقاليدنا القديمة لدى الشعوب الحديثة في أسيا مكفهرة بالية في نظر المربين العصريين الذين اجتذبهم علماء الاجتماع والتربية الحديثان. وهم يوقعون من غير ما تردد على حكم كالذي يلي مقتبس من تقرير مونرو: لابد من تكامل فردي أكثر حرية، لنماء المبادئ الوطنية الجديدة في العراق بصورة حرة وسريعة. إن لهذه المناهج في التربية الجديدة، المطبقة على حالة الفرد الواقعية، من شؤون نفسانية عميقة أو استعدادات أساسية، اعتبارين في التربية: أولهما سلطة العلم الذي يوصي بها، وثانيهما، العاطفة الوطنية التي تروج استعمالها. فينتظر منها، أحياناً بسذاجة وأبدا بقناعة تحض على حسن استثمار رأس المال البشري. تحقيق تام، مبتكر وقوي لفرد وطني.
ماذا يستخلص من هذه الملحوظات السريعة؟
أولاً: لا يجوز لنا أن نجحد صيغ الفكر الفرنسي التقليدية، بل يجب أن يبث هنا ما في تربيتنا التقليدية من مبادئ سامية نقية، وأن لا يتظاهر الفرنسيون بأن إيمانهم بالمنهاج الفرنسي أضعف من الأجانب، وأن لا يتناسوا ديكارت في الوقت الذي يشكر الطلاب اللبنانيون والسوريون في تجهيز بيروت جنود المارن على صنيعهم لأنهم احتفظوا لهم (بالمقال في الطريقة).
ثانياً: يجب أن لا ندع مجالاً لأن توجه إلينا الملامة بأنا لا نهذب سوى الفكر. فقد صرح اللورد قبل الحرب بهذا الحكم الجدير بالتأمل، مشيراً إلى النتائج التي اكتسبها الهنود في