لقد قام في أمريكا في الشهر الغابر الضابط سياتل بجولة هوائية في منطاد خاص فبلغ من العلو عن سطح الأرض مبلغاً أثبتته آلة الارتفاع في المنطاد فإذا هو ١٨٦٦٤ متراً ولقد أحرز هذا الضابط قصب السبق العالمي ففاز على الأستاذ بيكار الذي ارتفع في جولته الهوائية الثانية إلى علو قدره ١٦٢٠٠ متراً ثم لم يستطع من بعدها أن يتجاوز هذا الحد.
العلماء الجاهلون
كتب لويس لونغ أستاذ العلوم في جامعة طهران في مقدمة كتابه (أمام الحياة وجهاٍ لوجه) الذي نشره أخيراً ما يأتي: إن العلم لا يفيد صاحبه ولا يساعد على النجاح في الحياة إذا لم يرافقه العقل السليم مع الاهتمام بالحياة نفسها.
كثير من العلماء يقضي أيامه ولياليه منكباً على عمله بين كتبه ودفاتره منصرفاً كل الانصراف إلى أشغاله الذهنية ومتاعبه العلمية دون أن يكرس الوقت اللازم لنزهته ولهوه أو يخصص ما يجب من الزمن للاعتناء بصحته ورفاهه وترتيب أمور معيشته وكثيراً ما يحدوه هيامه بالعلم إلى أن يقلل من غذائه وساعات نومه وراحته. فهو عالم كبير ولكنه يجهل أو يتجاهل ما يعرفه عامة الناس مما تطلبه الحياة من أسباب الراحة واللهو والرفاه فلا يلبث أن يشيخ وهو شاب ويهاجمه الهرم وهو في ميعة العمر فيصبح على حافة القبر حيث لا يستطيع بعد ذلك أن يصل إلى ما يرمي إليه أو ينال ما يبتغيه من وراء بحثه ودرسه وهكذا فالهدف الذي جعله عينيه ينقلب فيصبح حجر عثرة في سبيله، لأن المساعي التي يبذلها أمثال هؤلاء العلماء لم تبذل متفقة مع ما تطلبه شرائط الحياة الصحيحة فتضيع الغاية ويصبح العمل عقيماً لا فائدة ترجى منه. وقد يتاح لهؤلاء العلماء أصدقاء وأخوان ينبهونهم إلى تلك المحاذير ويصورون لهم أخطارها ولكن جمودهم وتلك الفكرة المتأصلة المرتكزة في عقولهم تحول دون تفهمهم الأمر فيكتفون بابتسامة استخفاف يرسمونها على شفاههم ثم يعودون فينصرفون إلى عملهم هازئين بهؤلاء الأصدقاء الذين هم في نظرهم جهلاء لم تفقه نفوسهم حقيقة العلم وليس لأرائهم من قيمة حتى يعمل بنصحهم وإرشادهم.
إن العالم صاحب مثل هذه الفكرة الجامدة المستأصلة هو آلة تفكير ميكانيكية فهو لا يستطيع أن يفقه أبسط الأشياء رغم غزارة علمه ولا يمكن أن يكون أصوب رأياً من غيره من الناس ولعل الراعي الطروب وهو يهش بعصاه على غنمه فيفرح بحياته ويسهر على