للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عيسى بن مهنا أمير آل فضل كان ملك العرب في وقته وكان له منزلة عظيمة عند الملك الظاهر بيبرس ثم تضاعفت عند الملك المنصور قلاوون بحيث ضاعف حرمته وإقطاعه وملكه مدينة تدمر بعقد البيع والشراء وأورد عنه ثمنها لبيت المال ليأمن غائلة ذلك. وكان عيسى كريم الأخلاق حسن الجوار مكفوف الشر لم يكن في العرب وملوكها من يضاهيه وعنده ديانة وصدق لهجة لا يسلك مسالك العرب في النهب وغيره وكان به نفع للمسلمين، منها أنه كان يكف العدو عن حلب ومعاملتها ومنها في وقعة الملك المنصور قلاوون مع التتار بحمص سنة ٦٨٠ فأنه جاء وقت الوقعة واعترض التتار من خلفهم فتمت هزيمة التتار به. وكانت البلاد في زمنه في غاية الأمن إلى أن توفي سنة ٦٨٣ اه -. وذكر حيدر الشهابي في تاريخه (ص٤٥٠) أن عيسى بن مهنا وسماه ملك العرب اشترك بهذه المعركة مع أولاد عمه (يعني آل مرا الذين تقدم ذكرهم) وأبلى لياء حسناً وأيد هذا القول أبو الفداء أيضاً مما يدل على أنه كان له الفضل في تلك النصرة التي كادت تميل على المسلمين لولاه ولولا ثبات الملك قلاوون. ولعل عيسى هذا هو الذي قال عنه كاتب جلبي في جغرافيته أنه كان في هذه المعركة حاملاً ريشة على رأسه فلقب بأبي ريشة وبقي هذا اللقب إلى يومنا، وإنه هو الذي نال من ذلك الملك عطاءً عظيماً فاشترى به عبيداً ومماليك اعتقوا بعد حين ودعوا بالموالي وبقيت أعقابهم إلى يومنا ملتفة حول هؤلاء الأمراء آل أبي ريشة وانضم إليهم بعد عدد غير يسير من شذاذ الأعراب اندحروا في لفيفهم وحلفهم فصارت من مجموعهم قبيلة الموالي التي سوف نبحث عنها.

ولما توفي عيسى في سنة ٦٨٣ دفن في جبانة الشيخ فرج شمالي سلمية قبل ابنه محمد على ما جاء في (شذرات الذهب في أخبار من ذهب ج٦ ص٢٢) وكان عيسى أعقب عدة أولاد أخصهم مهنا وفضل وسليمان وحارث وموسى ومحمد. ولى الملك المنصور قلاوون منهم مهنا في الإمارة فلقب بحسام الدين وصار كبير آل عيسى النازلين في براري سلمية وحماة وتدمر بل أمير البادية طراً.

قال ابن فضل الله العمري في مسالك الأبصار يصف آل عيسى وصفاً نقتطف بعضه لنستدل على ما كانت عليه حالتهم في تلك العصور: هؤلاء آل عيسى في وقتنا هم ملوك البر ما بعد واقترب، قد ضربوا على الأرض نطاقاً وتفرقوا فجاجاً تقارعوا على قرى

<<  <  ج: ص:  >  >>