برحت تنص على أنه نصف حظ الذكر، ولكن في الواقع وعلى الأخص في القرى البعيدة وبعض المدن الصغيرة وعند الأعراب المتحضرين فإن المرآة قا أن تصل إلى نصيبها هذا من الإرث الذي منحها إياه الشرع الإسلامي وحال الواقع بينها وبين الوصول إليه.
ودراسة الواقع لها من الأهمية شأن كبير فيتفهم أمزجة الشعوب وطبائعها وعاداتها وتقاليدها، ويزداد شأنه وتعظم أهميته حينما تعمد الدولة إلى وضع وسن الشرائع وتعديا الأنظمة وجعلها تفي بحاجة البلاد وتفق مع تقاليدها وتؤول إلى نهضتها وتقدمها في معارج المثل العليا التي تطمح إليها.
يرى فريق من علماء الاجتماع المعاصرين وفي مقدمتهم دور كهايم أن أوضاع الحياة في الجماعة البالغة لا يمكن أن تتطور حتى تتبعها القوانين والأنظمة فتتطور معها فهي دائماً مرآتها تنعكس على صورتها فتتحول بتحولها وتتناسب معها حتى لا تكاد تفرق عنها، وهكذا فإن الدارس المتتبع يستطيع أن يستنبط من حقوق الجماعة وقوانينها صور أخلاقها ومبلغ التعاضد الاجتماعي القائم بين أفرادها وما قطعته من مراحل اجتماعية في حياتها الغابرة والحاضرة. وإذا اعترض معترض على هؤلاء العلماء وضرب لهم الأمثلة على أن الواقع كثيراً ما يختلف عن الحق وأن التقاليد والعادات كثيراً ما تبقى قائمة بذاتها دون أن تؤيدها أو تقيدها النظم والشرائع، أجابوا بأن هذه الحال إذا وقعت فهي حال استثنائية أو كما يسموها (مرضية) لا تلبث أن تزول متى عوفيت الجماعة وعادت سيرتها الأولى في طريق تطورها الطبيعي، فالقاعدة العامة في نظرهم هي أن الحقوق وما يتبعها من قوانين ونظم لا تبرح صورة صادقة عن الواقع وما جاء على غير هذه القاعدة فهو من المستثنيات وأن الأصل في الجماعات كما في الأفراد هو الصحة أما المرض فعرض طارئ قد يحل الشفاء محله أو يستعصي فيذهب بحياة المصاب به.
ويرد على رأيهم هذا ما يدلي به آخرون من علماء الأخلاق والحقوق والاجتماع مقدمتهم الأستاذ البيرباييه، وملخص ما يقيمونه من الأدلة على ضعف هذا الرأي أن هنالك مجموعة من الأخلاق والعادات والتقاليد لا يمكن أن تنص عليها القوانين أو تؤيدها الحقوق فليس في قوانين الجزاء مثلاً ما يجبر على عمل الخير وعمل الخير واجب احترمته أمم الأرض وتسابقت في مضماره منذ أقدم الأعصر وليس في قوانين الجزاء أيضاً ما ينص على