الطلاب والمشتغلين في الحقوق عن درس هذا الواقع ووصف صوره في مختلف أقطار الشرق العربي هو الصعوبة التي يلقاها من يود التعرض لهذه الأبحاث لأن درس الحقوق لا يحتاج لأكثر من الانصباب على ما في بطون الكتب والمؤلفات، أما درس الواقع فهو يحتاج لجمع المواد من مواقعها ودرس الأوضاع في مواطنها وتحقيق ذلك يدعو لأسفار ورحلات في مختلف الأقطار حاضرها وباديها، عامرها وغامرها، والجري في تصنيف هذه المواد ووصفها على الأصول الأتنوغرافية الحديثة التي تتطلب دقة في مراقبة الظواهر الواقعية، والنعمق فيوصف تفاصيلها، وتحديد المواقع التي جمعت منها، والزمن الذي جمعت فيه والجماعات التي عملت بها، مع بيان الفوارق بين مختلف الطبقات في كل جماعة من هذه الجماعات والإلمام بكل ما من شأن أن يوضح هذه الموارد ويؤيد الثقة بصحتها. وهنالك عوائق أخرى من أهمها أن المشتغلين في دراسة الحقوق كثيراً ما تأبى عليهم نفوسهم أن يجمعوا الكثير من هذه التقاليد والعادات والأوهام سواء كانت حضرية أو بدوية، شعبية أو خاصة بطبقة من الطبقات فيعرضونها على أنظار الناس من المواطنين والأجانب، ظناً منهم بأن فيذلك بعض الغضاضة، مع أن أعرق الأمم في الحضارة كالأمة الانكليزية والفرنسية والألمانية لم تخل حتى اليوم من أمثال هذه العادات والأوهام التي انصرف علماؤهم وفقهائهم لجمعها ووضع المؤلفات الكبيرة عنها ومن أشهر هؤلاء المؤلفين في هذا العالم الذي سموه الفولكور البحاثة المعروف السير جيمس فريزر الذي لم يكد يترك خرافة أو عادة من التقاليد والخرافات والأساطير الانكليزية خاصة والأوربية عامة إلا وصفها وأتى على ذكرها.
والشرق العربي، بعد أن وصلت دراسة الحقوق فيه إلى ما وصلت أحوج ما يكون لدراسة الواقع وجمع ما تبعثر في مختلف أقطاره م مختلف التقاليد والعادات والمشترع الذي يتصدى للبحث فيما يجب أن يكون، يتحتم عليه أن يعرف ما هو، ومن العبث أن يتصدى المصلح الاجتماعي لتعديل وضع من الأوضاع الاجتماعية قبل أن يعرف شكل هذا الوضع ويقف على كنه صوره في مختلف أقطار البلاد التي ينتسب إليها، ولقد أتاحت لنا دراسة من هذا النوع، تصدينا لها في سورية خلال سنوات عديدة أن نتأكد بأننا كالكثيرين من زملائنا نجهل الكثير مما يجب أن نعرفه عن الجماعة التي نعيش فيها جهلاً فادحاً قد لا