فعاشت الصورة في يده، أجل خرجت ايفون بلحمها وعظمها من الصورة وقالت له بصوت مارت له كل ذرة في جسمه:
أخذتم فؤادي وهو بعضي فما الذي ... يضركم، لو كان عندكم الكل!
ثم عادت ايفون إلى الإطار، وإنه ليرقب هذه الأعجوبة، إذ دق الباب، ودخلت الخادم تدعوه إلى الفطور، فغادر أحلامه اللذيذة. . .
- ٢ -
في غرفة الطعام، التي تمثل ناحية من ارستقراطية العائلة ومحافظتها، جلس الأب محمد باشا في جهة من المائدة، وإلى يساره الأم وفي الجهة المقابلة جميل وأخته زليخا.
ساد سكون رهيب، ثم قال الأب:
- جميل! أريد أن أقول لك في صراحة لا التواء فيها أمراً يهم العائلة، أمر زواجك!
وساد السكون مرة ثانية ثم قالت الأم:
- أعرف فتاة من أحسن البنات أخلاقاً، هي بنت أحمد باشا، الشريف العريق والمثري الكبير، لها اسم حلو هو اسمك (جميلة) وافق أبول على أن نخطبها لك أحس جميل الذي أحب إيفون ولم يفكر في غيرها، أن صاعقة تنقض عليه فتحطمه تحطيماً، ولكنه جمع المتناثر من قواه، وقال بصوت متقطع:
- أيسمح لي سيدي الوالد بكلمة؟
أجابه الأب: قل ما تشاء وأنس أنك في حضرة أبيك.
قال: إن أمر الزواج يستلزم تفكيراً طويلاً.
قال الأب: ولكننا نفكر فيه منذ زمن طويل. وقد عرف الناس جميعاً أن جميلة ستكون زوجتك. . لأنها خلقت لك، ولأنك أنت خلقت لها. . . .
قال جميل - وكيف أتزوج امرأة لم أرها ولم أسمع حديثها؟ يجب أن أحب قبلاً ثم أتزوج. .
قال الأب - إن زليخا تغنيك عن رؤية جميلة والتحدث عنها، فبلاغتها أبرع في التمثيل من آلة المصور. أسمع ما رواه الأصمعي عن (عصام) التي وجهها الحرث الكندي إلى ابنة عوف لتراها وتمتحن ما بلغه عنها، وقد وصفتها له بما هو أفضل من رؤيته لها. فقالت: