تفعل وأنت في المدرسة. إن الفتيات اللائي يولدن في عائلات متواضعة مثل عائلتي لا يتزوجن من الأشراف الأغنياء، واذكر أنك مسلم وأنني مسيحية وأن من غير المألوف زواج المسلم من المسيحية.
قال: ولكنك أجمل فتاة على الأرض، وأغناهن مزية! لا تظني أن الخمر يملي هذا القول، إنه يحل عقدة لساني، هذا كل ما في الأمر. أنت زوجتي، أما خطيبتي، فليست خطيبتي. . . . قالت: كيف ذلك! إن أمك وأباك يريدانها بكل قواهما. وإن للأم والأب حقوقاً يجب أن تحترم. .
قال: ايفون، أن لي في حياتي ثلاث رسائل: أن أحب وطني، وأن أحب عائلتي، وأن أحبك. فإذا كرهتني، وكرهتني عائلتي، فلن استطيع أن أخدم الوطن، لأنكما مصدر عبقريتي، وماذا يبقى نمن عبقريتي، ماذا يبقى من قلبي، إذا زلتما منه؟ قطعة من اللحم! أنا لم أشرب الخمر، ولكن حياتي كانت سكرى. كنت أسكر من رؤيتك، ومن حديثك، ومن ذكراك، وكان يحبب الحياة إلي إنك ستكونين رفيقتي فيها، وإن روحي ستقرن إلى روحك.
وكان بينهما جدل طويل، يطلب وتدفعه وفي النهاية قال لها في حزم كثير! ايفون، هل تعتقدين أنني إذا قلت أفعل؟
قالت نعم، أنا أعرفك، وما أظن أن الغربة بدلت من طباعك، فهي متأصلة فيك!
قال: إذا لم تلبي ندائي، فلن تريني ولن يراني أحد، لأنني بعد أن أفقد ثقتي بك، يفقد العالم في نظري كل جمال. . لا تظني أنك تضحين نفسك من أجلي برفضك، فرفضك تضحية بي قبل كل شيء. هلمي، أجيبي، أتقبلين؟ قال ذلك وأنشأ ينظر إليها، وقد بدت في ثوبها الحريري الأزرق الشفاف فتنة من الفتن، ليست التي رسمها عصام إلى جانبها، إلا تشويهاً، أنشأ ينظر إليها نظرة كلها استعطاف، فأجابته بصوت ناعم، والدمع يترقرق في عينيها: إذا أردت. . .
- ٤ -
مأساة وسعادة
مضت أشهر على زواج جميل، وقلب الأب لم يلن. . يكتب إليه فلا يجيبه ويزوره فيتوارى عنه، ويهدد كل من يختلف إليه بغضبه وحرمانه من الإرث!