عانى جميل كثيراً من العذاب في بيروت التي هاجر إليها طلباً للحياة، ولكن زوجته ايفون كانت له اللطف سلوى. .
وفي ذات يوم تلقى جميل زيارة أخيه البكر خالد، فسأله عن حياته الزوجية فأجابه بكلام كان يخرج من صدره كأنه قطع من الجحيم، أن زوجتي (حدراء) مسافرة في لبنان، مع أبيها، وقد سميتها (الحلقة المفقودة) لأن الإنسان يحار في أي الصنفين، القرد أو الإنسان، يضعها. لقد اختارتها لأي أمل. لأنها قبلت يديها بخشوع، وتقبيل اليد معيار الأدب والجمال عند أمي الطيبة القلب! حدراء معجبة بنفسها إلى آخر حدود الإعجاب، شكلها يشبه شكل العجائز وحديثها تزهق منه الأرواح، ولكن لها من عناصر الجمال شيئاً واحداً شعرها الأسود الذي تنفق عليه بلا حساب، وجميع أحاديثها مع ضيفاتها تدور حول جمال الشعر! يحبها والدها، لما تتظاهر به من تقوى ويصطحبها في أسفاره، ولكن غيباتها لسوء حظي قليلة وسعادتي قصيرة. أتعاتبني حدراء لأنني أسكر ولم تعرف أنني أسكر من شقائي بها! سألني أمس أحد المسيحيين: لماذا يباح للمسلم أن يتزوج مسيحية، ولا يباح للمسيحي أن يتزوج مسلمة، فقلت له: ماذا؟ أتريد أن تشتري شيئاً مغلفاً لا تعرف ما هو؟ وانتظر على الأقل حتى يكون سفور وترى ما وراء الحجاب، فأما ملكاً. .
قال ضاحكاً: وأما غولا. . .
فتركته وأنا كالأحمق. . لأن هذا اللقب ينطبق تماماً على زوجتي. . نعم، أنا زوج غول! أعيش مع غول، وسيكون نسلي من غول!. .
وداعاً يا أخي! إن سعادتك لا تقدر. . . . . .
ثم فر خالد فوراً. . . مما بعث الدهشة في نفس جميل، الذي لم يستطع أن يدركه، ولكنه، في صباح اليوم الثاني، أخذ من أبيه الرسالة الأولى، بعد التقاطع، وقد جاء فيها:
حكم القضاء على (مساعد) زوج (جميلة) بالسجن ثلاث سنوات لأنه ضرب زوجته وجرحها جرحاً بليغاً! هجر أخوك المنزل العائلي هرباً من (حدراء) سافر فجأة إلى أمريكا. أمرضت أمك الهموم. تعال يا ولدي. الآن فهمنا أنك كنت على حق في رفضك الزواج من جميلة. تغيرت فكرة العصر فوجب أن يتغير الأسلوب. بلغ من جنوني أنني حرمتك من أرثي وعطفي، فاغفر لي حماقتي. عدنا إليك يا ولدي فعد إلينا، مع زوجتك الفضلى التي