غيرها من المشاريع والأنظمة التي لم تطبق وهكذا تستمر الحالة حتى تقع فضيحة جديدة أو كارثة حديثة تدعو اليقظة.
لماذا نرى هذا الخلل في جميع المؤسسات؟ ولماذا لا يعمل بالقوانين والأنظمة؟
هنا نصل إلى المسألة الحقيقية التي تتلخص في ضرورة إصلاح الأخلاق والآداب والعادات.
ليس معنى ذلك أن الأشياء يمكن إهمالها ولا لزوم لإصلاحها. فإن بين المؤسسات وبين الآداب والعادات نفس العلاقة الموجودة بين الطبيعة والأخلاق أو بين المادة والعقل. وبما أننا لسنا عقولاً محضة فإن أفكارنا وعواطفنا مقيدة ومتأثرة، إلى درجة ما، بالبيئة الطبيعية والمحيط السياسي والاجتماعي الذي نعيش فيه. ولكن، من جهة أخرى، لا يمكن أن يكون في المؤسسات من الحياة إلا بقدر ما نستطيع نحن نفخه فيها. فأن التقيد والتأثر ليس مطلقاً وقاطعاً بل في مقدورنا تحويره تصحيحه. وبالنتيجة فأن قيمة المؤسسات والقوانين إنما ترجع إلى قيمة الأشخاص القائمين عليها. هذه حقيقة قديمة جداً.
نعم، إنها حقيقة قديمة ولكنها مع ذلك جديدة دائماً ومن المفيد في كل وقت التذكير بها. وهذا ما قام به مؤخراً المسيو (لوسيان روميه) في كتاب يدل عنوانه على أنه من وضع رجل اقتصادي إلا أنه في الحقيقة ينطق بلسان رجل أخلاقي، بل أخلاقي منهمك بصورة خاصة في قضايا التربية.
إننا نتأكد من ذلك منذ المباشرة في مطالعة المقدمة. فأن المؤلف يتساءل هنا: هل يجب إصلاح الأشياء أم إصلاح الأشخاص! ثم يتأخر في إعطاء الجواب منذ الجملة الأولى التي تبين لنا روح الكتاب والغاية منه إذ يقول: يعيش إنسان اليوم قي وهم خطر. فهو يعتقد أن الخير والشر في الأشياء لا في الأعمال، في حين أن الخير والشر ليسا في الأشياء نفسها بل في الناس القائمين عليها.
وما دام الأمر كذلك فمن الضروري أن لا نذهل عن القضية الأساسية وهي البحث في المسؤولية الشخصية. فإذا اضمحلت الرأسمالية إنما يقع الذنب على الإنسان الذي لم يحسن التصرف بها ولم يعرف كيف يجعلها صالحة للبشرية ولائقة بالإنسانية.
وإذا قدر للاشتراكية الفوز فأن حظها الحقيقي في البقاء مدة طويلة سيتوقف على مقدرة