ألف الغزالي هذا الكتاب بعد أن أناف سنه على الخمسين، وجمع فيه على صغر حجمه، معظم المبادئ التي جاهد في سبيلها طول حياته. ولخص كثيراً من المذاهب الفلسفية السائدة في زمنه، فحرر القول فيها كلها، وأبدى رأيه في المتكلمين والإلهيين، والطبيعيين، وغيرهم، ثم انثنى على الفرق الدينية، فبدأ بالتعليمية وقوض أركانها إلى أن حط رحاله في حلقة الصوفية، وأبدى إعجابه العظيم بمبادئهم ورد على غلاتها القائلين بالحلول والتناسخ وغير ذلك. وختم كتابه بفصلين موجزين أولهما حقيقة النبوة واضطرار كافة الخلق إليها وثانيهما سبب نشر العلم بعد الأعراض عنه.
هذه هي أمهات فصول هذا الكتاب القيم، الذي تولى طبعه ونشره مكتب النشر العربي بدمشق مشروحاً مضبوطاً، مشكول الآيات، وبالجملة فهو مثل صالح لجودة الطبع والضبط في العصر الحاضر.
وقد صدر بمقدمة مستفيضة عن الغزالي وفلسفته وتحليل المنقذ من الضلال بقلم الدكتورين جميل صليبا وكامل عياد. والذي نراه حرياً بالعناية والتدبر، تلك التوطئة التي حاول فيها كاتبا المقدمة، أن يثبتا استقلال الفلسفة الإسلامية متمثلة بشخصية الغزالي. والحق أن هذه الفكرة التي بسطت في مقدمة هذا الكتاب بإيجاز يصح أن تكون نواة صالحة لسفر ضخم، يجب أن يضطلع بعبء تدوينه أحد علمائنا القديرين في هذا الموضوع الخطير أعني به نواحي استقلال الفلسفة الإسلامية عن فلسفة أرسطو، والأفلاطونية الحديثة، والفلسفة الهندية وغيرها وبدهي أنه موضوع جليل طريف، لم يكتب عنه حتى يوم الناس هذا إلا النزر اليسير.
يقع الكتاب في مئة صفحة، والمقدمة في نحو خمسين، وترى في الكتاب أهم المصادر التي كتبت عن الغزالي، من المشارقة والمغاربة.
ظ ٠ د ٠ ع ٠
طيب الأريج
في الجلاء عن حاجة علم متن اللغة إلى المباني والتخريج