للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن القيم بعد أن ذكر أقسام السنة مع القرآن.

"فما كان منها زائدًا على القرآن فهو تشريع مبتدأ من النبي - صلى الله عليه وسلم - تجب طاعته فيه، ولا تحل معصيته.

وليس هذا تقديمًا لها على كتاب الله؛ بل امتثال لما أمر الله به من طاعة رسوله، ولو كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يُطاع في هذا القسم لم يكن لطاعته معنى، وسقطت طاعته المختصة به، وإنه إذا لم تجب طاعته إلا فيما وافق القرآن لا فيما زاد عليه لم يكن له طاعة خاصة تختص به، وقد قال الله تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ} [النساء: ٨٠] .

وكيف يمكن أحدًا من أهل العلم ألا يقبل حديثًا زائدًا على كتاب الله (١) فلا يقبل حديث تحريم المرأة على عمتها ولا على خالتها (٢) ، ولا حديث التحريم بالرضاعة لكل ما يحرم من النسب (٣) ....." (٤) .

ثالثًا: حجية أفعال الرسول - صلى الله عليه وسلم -:

الأصل في حجية أفعاله - صلى الله عليه وسلم - ما تقدم من الأدلة العامة الدالة على حجية السنة؛ إذ الأفعال قسم من أقسام السنة، ثم إن هناك أدلة تدل على وجوب الاقتداء به - صلى الله عليه وسلم - ومتابعته في أفعاله على وجه الخصوص (٥) ، فمن ذلك:

أ- قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ} [الأحزاب: ٢١] .

قال ابن كثير: "هذه الآية أصل كبير في التأسي برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أقواله وأفعاله وأحواله" (٦) .

ب- وقوله تعالى: {فَآمِنُوا بالله وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بالله وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف: ١٥٨] .


(١) انظر مسألة الزيادة على النص فيما يأتي (ص٢٦٤) من هذا الكتاب.
(٢) انظر: "صحيح البخاري" (٩/١٦٠) برقم (٥١٠٨) .
(٣) انظر: "صحيح البخاري (٦/٢١١) برقم (٣١٠٥) .
(٤) "إعلام الموقعين" (٢/ ٣٠٧، ٣٠٨) .
(٥) انظر: "شرح الكوكب المنير" (٢/١٩٠) .
(٦) "تفسير ابن كثير" (٣/٤٨٣) .

<<  <   >  >>