للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

توافرت كتبهم، المختصرات منها والمطولات، وتداول الناس هذه الكتب، وعمت مطالعتها ودراستها (١) ، ويمكن تلخيص دور هذين الإمامين إزاء هذا التيار في جانبين:

الجانب الأول: تأصيل قواعد أهل السنة والجماعة، وتثبيت دعائم منهج السلف الصالح بالحجة البالغة والبرهان الساطع، والرجوع في كل ذلك إلى نصوص الكتاب والسنة وإجماع الأمة، وما دل عليه العقل الصريح والفطرة السليمة، وما ورد عن الصحابة والتابعين، وعدم الالتفات إلى مناهج المناطقة ومسالك الفلاسفة.

إن القضايا والمطالب التي اشتغل ابن تيمية بإظهارها وبيانها أو ابن القيم، إنما هي قضايا كلية ومطالب أساسية، عليها تبني مسائل كثيرة وفروع عديدة.

فمن الأمثلة على ذلك (٢) :

أ- وجوب اتباع الكتاب والسنة اتباعًا عامًا، وأنه لا تجوز معارضتهما برأي أو عمل أو ذوق أو غير ذلك، بل يجب أن يجعلا هما الأصل، فما وافقهما قبل، وما خالفهما رد.

ب- أن الكتاب والسنة وإجماع الأمة أصول معصومة، تهدي إلى الحق، لا يقع بينها التعارض، وأن القياس الصحيح موافق للنص أيضًا.

جـ- أن للعلماء في اجتهاداتهم أسبابًا وأعذارًا، والواجب في المسائل الاجتهادية بيان الحق بالعلم والعدل.

د- أن أحكام الشريعة مشروطة بالقدرة والاستطاعة إذ لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها.

هـ- أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أتم بيان هذا الدين، فالدين كامل والنصوص محيطة بأفعال المكلفين، وأن رسالته - صلى الله عليه وسلم - عامة للثقلين وهي ضرورية للخلق.

الجانب الثاني: الرد على الباطل وكشف زيفه، وبيان بطلانه، وذلك بعد


(١) من هذه الكتب: "المحصول" للرازي، و"الإحكام" للآمدي، و"مختصر ابن الحاجب"، و"المنهاج" للبيضاوي. انظر: "مقدمة ابن خلدون" (٣٦١) .
(٢) انظر هذه الأمثلة وغيرها فيما يأتي (ص ٥٣٠- ٥٤٧) من هذا الكتاب.

<<  <   >  >>