للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبناءً على ذلك فإن إجماع أهل المدينة وحدهم لا يكون حجة لأنهم بعض الأمة لا كلها (١) .

وقد حقق ابن تيمية القول في إجماع أهل المدينة فقال ما ملخصه:

"والتحقيق في مسألة إجماع أهل المدينة: أن منه ما هو متفق عليه بين المسلمين، ومنه ما هو قول جمهور أئمة المسلمين.

ومنه ما لا يقول به إلا بعضهم، وذلك أن إجماع أهل المدينة على أربع مراتب:

المرتبة الأولى: ما يجري مجرى النقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل نقلهم لمقدار الصاع والمد، وهذا حجة باتفاق.

المرتبة الثانية: العمل القديم بالمدينة قبل مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه (٢) فهذا حجة عند جمهور العلماء؛ فإن الجمهور على أن سنة الخلفاء الراشدين حجة، وما يعلم لأهل المدينة عمل قديم على عهد الخلفاء الراشدين مخالف لسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

المرتبة الثالثة: إذا تعارض في المسألة دليلان كحديثين أو قياسين، وجهل أيهما أرجح، وأحدهما يَعمل به أهل المدينة، ففي هذا نزاع:

فمذهب مالك والشافعي أنه يرجح بعمل أهل المدينة.

ومذهب أبي حنيفة أنه لا يرجح به.

ولأصحاب أحمد وجهان، ومن كلامه أنه قال: إذا رأى أهل المدينة حديثًا وعملوا به فهو الغاية.


(١) انظر: "الرسالة" (٥٣٣) ، و"روضة الناظر" (١/٣٦٣) ، و"إعلام الموقعين" (٢/٣٨٠، ٣/٨٣) ، و"شرح الكوكب المنير" (٢/٢٣٧) .
(٢) هو: عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس القرشي، أمير المؤمنين الخليفة الثالث ذو النورين، زوج ابنتي النبي - صلى الله عليه وسلم - رقية ثم أم كلثوم، أحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن السابقين في الإسلام، عرف بالحياء والسخاء، قتل شهيدًا في داره سنة (٣٥هـ) . انظر: "تهذيب الأسماء واللغات" (١/٣٢١) ، و"الإصابة في معرفة الصحابة" (٢/٤٥٥) .

<<  <   >  >>