للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القسم الأول: قياس العلة، وهو: ما صرح فيه بالعلة فيكون الجامع هو العلة، وذلك كقوله تعالى: {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الأرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} [آل عمران: ١٣٧] .

يعني: هم الأصل، وأنتم الفرع، والعلة الجامعة التكذيب، والحكم الهلاك.

والقسم الثاني: قياس الدلالة، وهو: ما لم تُذكر فيه العلة، وإنما ذُكر فيه لازم من لوازمها؛ كأثرها أو حكمها فيكون الجامع هو دليل العلة، وذلك كقوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [فصلت: ٣٩] .

فالأصل القدرة على إحياء الأرض، والفرع القدرة على إحياء الموتى، والعلة هي عموم قدرته سبحانه وكمال حكمته، وإحياء الأرض دليل العلة.

والقسم الثالث: القياس في معنى الأصل، وهو: ما كان بإلغاء الفارق فلا يحتاج إلى التعرض إلى الجامع، وذلك كإلحاق الضرب بالتأفيف، وهذا القسم هو القياس الجلي؛ ويسمى: بمفهوم الموافقة.

ثالثًا: وينقسم القياس إلى: قياس طرد، وقياس عكس (١) .

فقياس الطرد: ما اقتضى إثبات الحكم في الفرع لثبوت علة الأصل فيه (٢) .

وقياس العكس: ما اقتضى نفي الحكم عن الفرع لنفي علة الحكم فيه.

ومثال هذين القسمين يوضحه ابن تيمية بقوله:

"وما أمر الله به من الاعتبار في كتابه يتناول قياس الطرد وقياس العكس؛ فإنه لما أهلك المكذبين للرسل بتكذيبهم، كان من الاعتبار أن يُعلم أن من فعل


(١) انظر: "مجموع الفتاوى" (٩/٢٣٩، ٢٠/٥٠٤) ، و"إعلام الموقعين" (١/١٦٠) وما بعدها، و"شرح الكوكب المنير" (٤/٨) وما بعدها.
(٢) وقد يراد بقياس الطرد ما كان وصفه طرديًا غير مناسب لترتيب الحكم عليه، وهذا المعنى غير مقصودٍ ههُنا. انظر: "قواعد الأصول" (٩٣) ، و"مذكرة الشنقيطي" (٢٦٤) ، وانظر فيما يتعلق بالوصف الطردي (ص١٩٥) من هذا الكتاب.

<<  <   >  >>