للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن تيمية: «والفرق بين القرينة اللفظية المتصلة باللفظ الدالة بالوضع....وبين الألفاظ المنفصلة معلوم يقينًا من لغة العرب والعجم.

ومع هذا فلا ريب عند أحد من العقلاء أن الكلام إنما يتم بآخره، وأن دلالته إنما تستفاد بعد تمامه وكماله، وأنه لا يجوز أن يكون أوله دالاً دون آخره، سواء سمي أوله حقيقة أو مجازًا، ولا أن يقال: إن أوله يعارض آخره

فإن التعارض إنما يكون بين دليلين مستقلين.

والكلام المتصل كله دليل واحد، فالمعارضة بين أبعاضه كالمعارضة بين أبعاض الأسماء المركبة» (١) .

وقال أيضًا: «إن الكلام متى اتصل به صفة أو شرط أو غير ذلك من الألفاظ التي تغير موجبه عند الإطلاق وجب العمل بها، ولم يجز قطع ذلك الكلام عن تلك الصفات المتصلة به.

وهذا مما لا خلاف فيه أيضًا بين الفقهاء بل ولا بين العقلاء.

وعلى هذا تُبنى جميع الأحكام المتعلقة بأقوال المكلفين من العبادات والمعاملات مثل الوقف والوصية والإقرار....» (٢) .

ويعلل ابن تيمية هذا التفريق بأن التعارض فرع على استقلال الكلام بالدلالة، والاستقلال بالدلالة فرع على انقضاء الكلام وانفصاله، أما مع اتصاله بما يغير حكمه فلا يجوز أن يجعل بعضه مخالفًا لبعض؛ لأن من شرط حمل اللفظة على عمومها أن تكون منفصلة عن صلة مخصصة.

فهي عامة عند الإطلاق وليست عامة على الإطلاق (٣) .

لذلك لزم من اعتبر الكلام صحيحًا قبل أن يتم أن يجعل أول كلمة التوحيد كفرًا وآخرها إيمانًا، وأن المتكلم بها قد كفر ثم آمن (٤) .

الأمر الرابع: اعتبار مراد المتكلم ومقاصده، وضم النظير إلى نظيره،


(١) "مجموع الفتاوى" (٣١/١١٧) .
(٢) المصدر السابق (٣١/١٠١) .
(٣) انظر المصدر السابق (٣١/١١٣، ١١٨) .
(٤) انظر المصدر السابق (٣١/١١٦) .

<<  <   >  >>