للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه الثاني: "أن الناسخ في الحقيقة إنما جاء رافعًا لاستمرار حكم المنسوخ ودوامه، وذلك ظني وإن كان دليله قطعيًا، فالمنسوخ إنما هو هذا الظني لا ذلك القطعي" (١) .

* الشرط الثالث: أن يتأخر الناسخ عن المنسوخ، وذلك يثبت بطرق، منها (٢) :

الإجماع: وهو أن تُجمع الأمة على خلاف ما ورد من الخبر فيُستدل بذلك على أنه منسوخ لئلا تجتمع على الخطأ، فالإجماع في مثل هذا بين أن النص المتأخر ناسخ للنص المتقدم، لا أن الإجماع هو الناسخ كما تقدم التنبيه على ذلك قريبًا.

وقوله - صلى الله عليه وسلم - وفعله.

وقول الراوي: كان كذا ونُسخ، أو رُخَّص في كذا ثم نُهي عنه.

وأن يضبط تاريخ القصص؛ فيُعلم الناسخُ بتأخره مع وجود ما يعارضه.

والحاصل أن الناسخ والمنسوخ إنما يعرفان بمجرد النقل الدال على ذلك، ولا يعرف ذلك بدليل عقلي ولا بقياس (٣) .

* الشرط الرابع: أن يمتنع اجتماع الناسخ والمنسوخ؛ بأن يكونا متنافيين قد تواردا على محل واحد (٤) ، يقتضي المنسوخ ثبوته والناسخ رفعه أو بالعكس (٥) .

* الشرط الخامس: أن يكون المنسوخ حكمًا لا خبرًا (٦) ، إذ الأخبار لا


(١) "نزهة الخاطر العاطر" (١/٢٢٨، ٢٢٩) .
(٢) انظر: "الفقيه والمتفقه" (١/١٢٦، ١٢٧) ، و"روضة الناظر" (١/٢٣٤، ٢٣٥) ، و"شرح الكوكب المنير" (٣/٥٦٣ - ٥٦٦) ، و"مذكرة الشنقيطي" (٩٢، ٩٣) .
(٣) انظر: "شرح الكوكب المنير" (٣/٥٦٩، ٥٧٠) ، و"مذكرة الشنقيطي" (٩٢) .
(٤) لما سيأتي بيانه من أنه إذا وجد التعارض فالواجب أولاً الجمع وهو إعمال كلا الدليلين ولو من بعض الوجوه دون بعض، فهذا أولى من النسخ وهو من طرق الجمع إلا أنه إعمال لأحد الدليلين دون الآخر، أو هو إعمال لكلا الدليلين في وقت دون وقت انظر (ص ٢٧١) من هذا الكتاب.
(٥) انظر: "إعلام الموقعين" (٢/٣١٩، ٣٢٠، ٣٢١) ، و"شرح الكوكب المنير" (٣/٥٢٩، ٥٣٠) .
(٦) إلا إذا أريد بهذا الخبر الإنشاء فإنه يُنسخ، كقوله تعالى: {والمطلقات يتربصن} [البقرة: ٢٢٨] . انظر: "شرح الكوكب المنير" (٣/٥٣٨، ٥٣٩) .

<<  <   >  >>