للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيًا: كتاب الفقيه والمتفقه (١) للإمام الحافظ الخطيب البغدادي، المتوفي سنة (٤٦٣هـ) (٢) :

أ- سبب تأليف الكتاب:

صنف الخطيب هذا الكتاب نصيحة لطائفتين، لأهل الحديث، ولأهل الرأي (٣) .

ذلك أن أكثر كتبة الحديث في زمانه ابتعدوا عن معرفة فقه ما كتبوه وفهم معنى ما دونوه، ومنعوا أنفسهم عن محاضرة الفقهاء، وذموا مستعملي القياس من العلماء، وذلك لما سمعوه من الأحاديث التي تعلق بها أهل الظاهر في ذم الرأي والنهي عنه والتحذير منه، فلم يميزوا بين محمود الرأي ومذمومه، بل سبق إلى نفوسهم أنه محظور على عمومه، ثم قلدوا مستعملي الرأي في نوازلهم، وعولوا فيها على أقوالهم ومذاهبهم، فنقضوا بذلك ما أحلوه، واستحلوا ما حرموه.

وحُق لمن كانت حاله هذه أن يطلق فيه القول الفظيع، ويشنع عليه بضروب التشنيع، فهذا طعن أهل الرأي والمتكلمين في أهل الحديث.

أما أهل الرأي فجل ما يحتجون به من الأخبار واهية الأصل، ضعيفة عند


(١) طبع بتحقيق وتعليق وتقديم الشيخ إسماعيل الأنصاري، وهو جزآن في مجلد واحد.
(٢) هو: أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي، أبو بكر الخطيب، الحافظ الكبير، أحد أعلام الحفاظ ومهرة الحديث، عُرف بالفصاحة والأدب، تفقه على فقهاء الشافعية، له مصنفات منتشرة منها: "تاريخ بغداد"، و"شرف أصحاب الحديث"، توفي سنة (٤٦٣هـ) . انظر: "طبقات الشافعية الكبرى" لابن السبكي (٣/١٢) ، و"الأعلام" (١/١٧٢) .
(٣) للخطيب البغدادي رسالة "مختصر نصيحة أهل الحديث" تقع في سبع صفحات، وقد وردت هذه الرسالة بتمامها في كتاب "الفقيه والمتفقه". انظر (٢/٧٧ - ٨٥) ، وقد طبعت هذه الرسالة ضمن مجموعة رسائل في علوم الحديث للنسائي، وللخطيب البغدادي، حققها وعلق عليها الشيخ صبحي السامرائي.

<<  <   >  >>