للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الباطل والرأي الفاسد، وهذا هو الذي ذمه السلف ومنعوا من العمل والفتيا به، وأطلقوا ألسنتهم بذمه وذم أهله (١) .

قال ابن عبد البر: "وأما القياس على الأصل والحكم للشيء بنظيره فهذا مما لا يختلف فيه أحد من السلف، بل كل من رُوي عنه ذم القياس قد وُجد له القياس الصحيح منصوصًا، لا يدفع هذا إلا جاهل أو متجاهل مخالف للسلف في الأحكام" (٢) .

وقبل ذكر الأدلة على حجية القياس، تحسن الإشارة إلى أن العمل بالقياس الصحيح والاحتجاج به لدي أهل السنة، أمر مبني على أصول شرعية ثابتة.

(الأصل الأول: إثبات الحكمة والتعليل في أحكام الله وشرعه وأمره سبحانه وتعالى، وتنزيهه جل شأنه عن العبث، وسيأتي بيان ذلك – إن شاء الله – في مسألة التعليل (٣) .

(الأصل الثاني: شمول النصوص لجميع الأحكام وإحاطتها بأفعال المكلفين، فقد بين الله سبحانه على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - بكلامه وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم - جميع ما أمر به، وجميع ما نَهَى عنه، وجميع ما أحله، وجميع ما حرمه، وجميع ما عفا عنه، وبهذا يكون الدين كاملاً، كما قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [المائدة: ٣] ، ولكن الناس يتفاوتون في معرفة النصوص والاطلاع عليها، ويتفاوتون أيضًا في فهمها:

فمنهم من يفهم من الآية حكمًا أو حكمين، ومنهم من يفهم منها عشرة أحكام أو أكثر، ومنهم من يقتصر في الفهم على مجرد اللفظ دون سياقه ودون إيمائه وإشارته وتنبيهه، ومنهم من يضم إلى النص نصًا آخر متعلقًا به فيفهم من اقترانه به قدرًا زائدًا على ذلك النص بمفرده، وهذا مشروط بفهم يؤتيه الله عبده (٤) .


(١) انظر: "روضة الناظر" (٢/٢٤١، ٢٤٢) ، و"إعلام الموقعين" (١/٦٧) وانظر (ص٤٧٠، ٤٧١) من هذا الكتاب.
(٢) "جامع بيان العلم وفضله" (٢/٧٧) .
(٣) انظر (ص ١٩٦- ٢٠١) من هذا الكتاب.
(٤) انظر: "إعلام الموقعين" (١/٢٦٨) .

<<  <   >  >>