للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مجتهدًا في نوع من العلم مقلدًا في غيره، أو في باب من أبوابه.

كمن استفرغ وسعه في نوع العلم بالفرائض وأدلتها واستنباطها من الكتاب والسنة دون غيرها من العلوم، أو في باب الجهاد، أو الحج، أو غير ذلك.

فهذا ليس له الفتوى فيما لم يجتهد فيه، ولا تكون معرفته بما اجتهد فيه مسوغة له الإفتاء بما لا يعلم في غيره.

وهل له أن يفتي في النوع الذي اجتهد فيه؟ فيه ثلاثة أوجه:

أصحها: الجواز، بل هو الصواب المقطوع به، والثاني: المنع، والثالث: الجواز في الفرائض دون غيرها.

فحجة الجواز: أنه قد عرف الحق بدليله، وقد بذل جهده في معرفة الصواب فحكمه في ذلك حكمُ المجتهد المطلق في سائر الأنواع» (١) .

وقال أيضًا: «فإن قيل: فما تقولون فيمن بذل جهده في معرفة مسألة أو مسألتين، هل له أن يفتي بهما؟

قيل: نعم، يجوز في أصح القولين، وهما وجهان لأصحاب الإمام أحمد، وهل هذا إلا من التبليغ عن الله وعن رسوله، وجزى الله من أعان الإسلام ولو بشطر كلمةٍ خيرًا. ومنع هذا من الإفتاء بما علم خطأ محض. وبالله التوفيق» (٢) .

ثالثًا: ينقسم الاجتهاد بالنسبة لعلة الحكم إلى ثلاثة أقسام (٣) :

تحقيق المناط (٤) ، وتنقيحه، وتخريجه.

أ- فتحقيق المناط: هو أن يعلق الشارع الحكم بمعنى كلي، فينظر المجتهد في ثبوته في بعض الأنواع أو بعض الأعيان. كالأمر باستقبال القبلة


(١) "إعلام الموقعين" (٤/٢١٦) .
(٢) المصدر السابق (٤/٢١٦، ٢١٧) .
(٣) انظر: "روضة الناظر" (٢/٢٢٩ – ٢٣٤) ، و"مجموع الفتاوى" (١٩/١٤ – ١٨) ، و"مذكرة الشنقيطي" (٢٤٣ – ٢٤٥) .
(٤) المناط لغة: موضع النوط، وهو التعليق والإلصاق. وفي اصطلاح الأصوليين يطلق على العلة. انظر: "مختار الصحاح" (٦٨٥) ، و"قواعد الأصول" (٨٢) ، و"الكليات" (٨٧٣) .

<<  <   >  >>