للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا يشفي، ولا يحصل به هدىً ولا رحمة، ولا يفرح به» (١) .

٢٠- أن الأحكام الشرعية محيطة بجميع أفعال المكلفين، وافية بكل الحوادث.

قال ابن القيم: «وهذه الجملة إنما تنفصل بعد تمهيد قاعدتين عظيمتين:

إحداهما: أن الذكر الأمري محيط بجميع أفعال المكلفين أمرًا ونهيًا، وإذنًا وعفوًا، كما أن الذكر القدري محيط بجميعها علمًا وكتابةً وقدرًا، فعلمه وكتابه وقدره قد أحصى جميع أفعال عباده الواقعة تحت التكليف وغيرها، وأمره ونهيه وإباحته وعفوه قد أحاط بجميع أفعالهم التكليفية، فلا يخرج فعل من أفعالهم عن أحد الحكمين: إما الكوني وإما الشرعي الأمري، فقد بين الله سبحانه على لسان رسوله بكلامه وكلام رسوله جميع ما أمر به، وجميع ما نهى عنه، وجميع ما أحله، وجميع ما حرمه، وجميع ما عفا عنه. وبهذا يكون دينه كاملاً كما قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [المائدة: ٣] » (٢) .

٢١- أن الأحكام الشرعية ظاهرة واضحة مبينة، خاصة ما تحتاج الأمة إليه منها.

قال ابن تيمية: «إن الأحكام التي تحتاج الأمة إلى معرفتها لا بد أن يبينها الرسول - صلى الله عليه وسلم - بيانًا عامًا، ولا بد أن تنقلها الأمة» (٣) .

وقال ابن رجب: «وفي الجملة فما ترك الله ورسوله حلالاً إلا مبينًا، ولا حرامًا إلا مبينًا، لكن بعضه كان أظهر بيانًا من بعض.

فما ظاهر بيانه واشتهر وعلم من الدين بالضرورة من ذلك: لم يبق فيه شك، ولا يعذر أحد بجهله في بلد يظهر فيه الإسلام.

وما كان بيانه دون ذلك فمنه ما اشتهر بين حملة الشريعة خاصة فأجمع العلماء على حله أو حرمته، وقد يخفي على بعض ما ليس منهم.

ومنه ما لم يشتهر بين حملة الشريعة أيضًا فاختلفوا في تحليله وتحريمه، وذلك


(١) "الروح" (٦٢) .
(٢) "إعلام الموقعين" (١/٣٣٢) .
(٣) "مجموع الفتاوى" (٢٥/٢٣٦) .

<<  <   >  >>