للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَالأغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} [الأعراف: ١٥٧] .

والواسطة التي وقع فيها الخلاف هي ما اشتملت على ثلاثة ضوابط:

(الأول: أن يثبت أنه شرع لمن قبلنا بطريق صحيح وهو الكتاب والسنة الصحيحة، ويكفي الآحاد في ذلك، فإن ورد بطريق غير صحيح لم يكن شرعًا لنا بلا خلاف.

(الثاني: ألا يرد في شرعنا ما يؤيده ويقرره، فإن ورد في شرعنا ما يؤيده كان شرعًا لنا بلا خلاف.

(الثالث: ألا يرد في شرعنا ما ينسخه ويبطله، فإن ورد في شرعنا ما ينسخه لم يكن شرعًا لنا بلا خلاف، ومن المعلوم أن ذلك لا يكون في أصول الدين وأمور العقيدة؛ لأنها مما اتفق عليه بين الأنبياء جميعًا كما تقدم.

٥- حكم الاحتجاج بشرع من قبلنا:

اختلف العلماء في الاحتجاج بشرع من قبلنا، فذهب الأكثر إلى أنه يكون حجة (١) وذلك وفق الضوابط الثلاثة الموضحة في تحرير محل النزاع.

ومما يقوي هذا المذهب:

"أن الله تعالى أنزل علينا هذا الكتاب العزيز لنعمل بكل ما دل عليه من الأحكام سواء كان شرعًا لمن قبلنا أم لا.

والله تعالى ما قص علينا أخبار الماضين إلا لنعتبر بها، فنجتنب الموجب الذي هلك بسببه الهالكون منهم، ونغتنم الموجب الذي نجا بسببه الناجون منهم، وقد قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأولِي الألْبَابِ} [يوسف: ١١١] .

والآيات الدالة على الاعتبار بأحوال الماضين كثيرة جدًا كقوله: {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ * وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ} [الصافات: ١٣٧، ١٣٨] ، وكقوله: {وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ} [الحجر: ٧٦] ، وكقوله: {وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ} [الحجر: ٧٩] (٢) .


(١) انظر: "روضة الناظر" (١/٤٠٠) ، "قواعد الأصول" (٧٦) ، و"تفسير ابن كثير" (٢/٦٤) ، و"مختصر ابن اللحام" (١٦١) ، و"شرح الكوكب المنير" (٤/٤١٢) .
(٢) "رحلة الحج إلى بيت الله الحرام" (١٠٩) .

<<  <   >  >>