للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال بعضهم: إن المحكم هو ما اتضح معناه، والمتشابه، هو ما لم يتضح معناه، إما لاشتراك أو إجمال.

وكل هذه الأقوال تدل على معنى واحد، وهو أن التشابه أمر إضافي، فقد يشتبه على هذا ما لا يشتبه على هذا (١) .

٣- طريقة السلف في التعامل مع المحكم والمتشابه:

الواجب على كل أحد أن يعمل بما استبان له، وأن يؤمن بما اشتبه عليه، وأن يرد المتشابه إلى المحكم، ويأخذ من المحكم ما يفسر له المتشابه ويبينه، فتتفق دلالته مع دلالة المحكم، وتوافق النصوص بعضها بعضًا، ويصدق بعضها بعضًا، فإنها كلها من عند الله، وما كان من عند الله فلا اختلاف فيه ولا تناقض، وإنما الاختلاف والتناقض فيما كان من عند غيره.

هذه طريقة الصحابة والتابعين في التعامل مع المحكم والمتشابه (٢) .

قال ابن تيمية: "والمقصود هنا أن الواجب أن يجعل ما قاله الله ورسوله هو الأصل، ويتدبر معناه ويعقل....ويعرف دلالة القرآن على هذا وهذا.

وتجعل أقول الناس التي قد توافقه وتخالفه متشابهة مجملة، فيقال لأصحاب هذه الألفاظ: يَحتمل كذا وكذا، ويَحتمل كذا وكذا؛ فإن أرادوا بها ما يوافق خبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - قبل، وإن أرادوا بها ما يخالفه رُد" (٣) .

وفي هذا المقام تنبهات مهمة:

١- اتفق العلماء على أن ليس في القرآن ما لا معنى له (٤) .

٢- اتفق السلف على أن جميع ما في القرآن مما يفهم معناه، ويمكن إدراكه بتدبر وتأمل، وأنه ليس في القرآن ما لا يمكن أن يعلم معناه أحد.

قال ابن تيمية: "ولا يجوز أن يكون الرسول - صلى الله عليه وسلم - وجميع الأمة لا يعلمون


(١) انظر: "مجموع الفتاوى" (١٧/٣٨٦) .
(٢) انظر: "مجموع الفتاوى" (١٧/٣٨٦) ، و"إعلام الموقعين" (٢/٢٩٤) .
(٣) انظر: "مجموع الفتاوى" (١٣، ١٤٥، ١٤٦) ، وانظر: "شرح العقيدة الطحاوية" (٢٢٤، ٢٢٥) .
(٤) انظر: "مجموع الفتاوى" (١٣/٢٨٦، ١٧/٣٩٠) ، و"مختصر ابن اللحام" (٧٣) ، و"شرح الكوكب المنير" (٢/١٤٣، ١٤٤) .

<<  <   >  >>