للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعلى القول بالإطلاق يتوجه عليه اعتراض المؤلف [يعني ابن قدامة في روضة الناظر] بأنهم بعض من الأمة كغيرهم" (١) .

وكذلك فإن قول الخلفاء الراشدين واتفاقهم وحدهم لا يكون إجماعًا لأنهم بعض الأمة، والإجماع إنما هو قول جميع الأمة، لما تقدم من عموم لفظ "المؤمنين" و"الأمة" (٢) .

فلا بد إذن من دخول جميع المجتهدين؛ سواء كان هذا المجتهد مشهورًا أو خاملاً، وسواء كان من أهل عصر المجمعين أو كان من أهل العصر الذي يليهم لكنه لحق بهم وصار من أهل الاجتهاد ساعة انعقاد الإجماع.

وذلك كالتابعي إذا أدرك الصحابة وقت الحادثة المجمع عليها وهو من أهل الاجتهاد (٣) .

(الشرط الرابع: يشترط في أهل الإجماع أن يكونوا أحياء موجودين، أما الأموات فلا يعتبر قولهم، وكذلك الذين لم يوجدوا بعد، أو وجُدوا ولم يبلغوا درجة الاجتهاد حال انعقاد الإجماع.

فالقاعدة: أن الماضي لا يعتبر والمستقبل لا ينتظر.

فالمعتبر في كل إجماع أهل عصره من المجتهدين الأحياء الموجودين، ويدخل في ذلك الحاضر منهم والغائب.

لأن الإجماع قول مجتهدي الأمة في عصر من العصور، أما اعتبار جميع مجتهدي الأمة في جميع العصور فغير ممكن؛ لأن ذلك يؤدي إلى عدم الانتفاع بالإجماع أبدًا (٤) . ويتصل بهذا الشرط مسألة انقراض العصر.

فهل من شرط صحة الإجماع أن ينقرض عصر المجمعين بموتهم، أو بمرور


(١) "مذكرة الشنقيطي" (١٥٤) .
(٢) انظر: "روضة الناظر" (١/٣٦٥) ، و"قواعد الأصول" (٧٥) ، و"شرح الكوكب المنير" (٢/٢٣١ – ٢٣٦) .
(٣) انظر: "الفقيه والمتفقه" (١/١٧٠) ، و"روضة الناظر" (١/٣٥٥) ، و"شرح الكوكب المنير" (٢/٢٣١ – ٢٣٦) .
(٤) انظر: "الفقيه والمتفقه" (١/١٥٦) ، و"روضة الناظر" (١/٣٧٤، ٣٧٥) ، و"شرح الكوكب المنير" (٢/٢٣١ – ٢٣٦) .

<<  <   >  >>