للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد يكون كفًا وتركًا، كترك أكل المذكاة في المثال المتقدم.

ز- وبهذا يتبين أيضًا أن النهي فرع عن الأمر؛ إذ الأمر هو الطلب، والطلب قد يكون للفعل أو للترك.

قال ابن تيمية: ".....الأمر أصل والنهي فرع، فإن النهي نوع من الأمر، إذ الأمر هو الطلب والاستدعاء والاقتضاء، وهذا يدخل فيه طلبُ الفعل وطلبُ الترك لكن خص النهي باسم خاص" (١) .

والمقصود أن قاعدة: "النهي عن الشيء أمر بضده" داخلة تحت القاعدة الكبرى "الأمر بالشيء أمر بلوازمه" فيكون النهي عن الشيء إذن مستلزمًا للأمر بضده إذا تقرر أن النهي فرع عن الأمر.

قال ابن تيمية – في الأمر والنهي -: "وبالجملة فهما متلازمان، كل من أمر بشيء فقد نهى عن فعل ضده، ومن نهى عن فعل فقد أمر بفعل ضده كما بُسط في موضعه، ولكن لفظ الأمر يعم النوعين، واللفظ العام قد يخص أحد نوعيه باسم، ويبقى الاسم العام للنوع الآخر، فلفظ الأمر عام لكن خصوا أحد النوعين بلفظ النهي، فإذا قُرن النهي بالأمر كان المراد به أحد النوعين لا العموم" (٢) .

حـ- الأمر المطلق لا يمكن امتثاله إلا بتحصيل المعين، مع أن المأمور به مطلق، وذلك كالأمر بعتق الرقبة في قوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المجادلة: ٣] ، فإن العبد لا يمكنه الامتثال إلا بإعتاق رقبة معينة.

قال ابن تيمية: "....فالحقيقة المطلقة هي الواجبة، وأما خصوص العين فليس واجبًا ولا مأمورًا به، وإنما هو أحد الأعيان التي يحصل بها المطلق؛ بمنزلة الطريق إلى مكة، ولا قصد للآمر في خصوص التعيين" (٣) .

ط- إذا علم أن الأمر المطلق لا يتحقق إلا بتحصيل المعين فإن إطلاق الأمر لا يدل على تخصيص ذلك المعين بكونه مشروعًا أو مأمورًا به، بل يرجع في ذلك إلى الأدلة؛ فإن كان في الأدلة ما يكره تخصيص ذلك المعين كره، وإن


(١) "مجموع الفتاوى" (٢٠/١١٩) .
(٢) المصدر السابق (١١/٦٧٥) .
(٣) المصدر السابق (١٩/٣٠٠) .

<<  <   >  >>