للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥- من الأعذار الواهية التي يعتذر بها المقلدون في تقليدهم (١) :

أ- ظنهم أن الإمام الذي قلدوه لا بد أن يكون قد اطلع على جميع معاني الكتاب والسنة ولم يفته من ذلك شيء.

ب- ظنهم أن الإمام لو أخطأ في بعض الأحكام وقلدوه في ذلك الخطأ كان لهم من العذر في الخطأ والأجر مثل ما لذلك الإمام.

جـ- قولهم: إن هؤلاء الأئمة أعلم فاجتهادهم أولى من اجتهادنا.

والجواب عن هذه الأعذار – على الترتيب – أن يقال:

أ- إن الأئمة كلهم معترفون بأنهم لم يحيطوا بجميع نصوص الوحي، وكثرة علم العالم لا تستلزم اطلاعه على جميع النصوص.

ثم إن الإمام قد يطلع على الحديث ولكن يكون السند الذي بلغه به ضعيفًا، فيتركه، وقد يترك الحديث لشيء يظنه أرجح منه، والواقع أن الحديث أرجح، فالحاصل أن ظن الإحاطة بجميع النصوص ليس صحيحًا قطعًا (٢) .

ب- أن الإمام الذي قلدوه قد بذل جهده وعمل ما يجب عليه فهو جدير بالعذر إن أخطأ في اجتهاده.

أما المقلدون فقد تركوا النظر في الكتاب والسنة وأعرضوا عن تعلمهما، ونزلوا أقوال الرجال منزلة الوحي المنزل من عند الله.

فهذا الفرق العظيم بين الإمام وبين مقلديه يدل دلالة واضحة على أنهم ليسوا مأجورين في الخطأ كحال الإمام، إذ إن هؤلاء المقلدين قد فرطوا وقصروا وأعرضوا.

جـ- أن العلماء إما أن يتفقوا فاتفاقهم على حكم حجة، وهو الحق الذي يجب اتباعه، وإما أن يختلفوا، فما الحجة في تقليد بعضهم دون بعض، وكلهم عالم، فلعل الذي رغبت عن قوله أعلم من الذي ذهبت إلى مذهبه.


(١) انظر: "جامع بيان العلم وفضله" (٢/١١٧، ١١٨) ، و"إعلام الموقعين" (٢/١٩٨، ١٩٩) ، و"أضواء البيان" (٧/٥٣٣ – ٥٣٩) .
(٢) انظر: "مجموع الفتاوى" (٢٠/٢٣٣ – ٢٣٩) ، وقد ذكر ابن تيمية في هذا الموضع أمثلة على خفاء بعض السنن على أعلم هذه الأمة الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم.

<<  <   >  >>