للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١١- هل يكفي في مسائل أصول الدين الظن؟:

قال ابن تيمية في الجواب على سؤال، نصه: هل يكفي في ذلك (أي: مسائل أصول الدين) ما يصل إليه المجتهد من غلبة الظن، أو لا بد من الوصول إلى القطع؟

قال رحمه الله:

"الصواب في ذلك التفصيل...........

فما أوجب الله فيه العلم واليقين وجب فيه ما أوجبه الله من ذلك، كقوله تعالى: {اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: ٩٨] ، وقوله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} [محمد: ١٩] ، وكذلك يجب الإيمان بما أوجب الله الإيمان به.

وقد تقرر في الشريعة أن الوجوب معلق باستطاعة العبد، كقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦] وقوله عليه السلام: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» ، أخرجاه في الصحيحين (١) .

فإذا كان كثير مما تنازعت فيه الأمة من هذه المسائل الدقيقة قد يكون عند كثير من الناس مشتبهًا، لا يقدر فيه على دليل يفيد اليقين، لا شرعي ولا غيره؛ لم يجب على مثل هذا في ذلك ما لا يقدر عليه، وليس عليه أن يترك ما يقدر عليه، من اعتقاد قول غالب على ظنه لعجزه عن اليقين بل ذلك هو الذي يقدر عليه لا سيما إذا كان مطابقًا للحق، فالاعتقاد المطابق للحق ينفع صاحبه، ويثاب عليه ويسقط به الفرض؛ إذا لم يقدر على أكثر منه.

لكن ينبغي أن يُعرف أن عامة من ضل في هذا الباب، أو عجز فيه عن معرفة الحق، فإنما هو لتفريطه في اتباع ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وترك النظر والاستدلال الموصل إلى معرفته، فلما أعرضوا عن كتاب الله ضلوا.........

فمن كان خطؤه لتفريطه فيما يجب عليه من اتباع القرآن والإيمان مثلاً، أو


(١) انظر: "صحيح البخاري (١٣/٢٥١) برقم (٧٢٨٨) ، و"صحيح مسلم" (٩/١٠٠) وسيأتي هذا الحديث كاملا في (ص ١٢١) من هذا الكتاب.

<<  <   >  >>