للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن تيمية: "وذلك لأن المتابعة أن يفعل مثل ما فعل على الوجه الذي فعل؛ فإذا فعل فعلاً على وجه العبادة شُرع لنا أن نفعله على وجه العبادة، وإذا قصد تخصيص مكان أو زمان بالعبادة خصصناه بذلك" (١) .

وأفعاله - صلى الله عليه وسلم - أقسام، لكل قسمٍ منها حكم يخصه، وقبل بيان هذه الأقسام لا بد من تقرير أصول أربعة:

الأصل الأول: أن الواجب على هذه الأمة متابعة نبيها - صلى الله عليه وسلم - والتأسي به في أفعاله وأقواله وأحواله، ولزوم أمره وطاعته (٢) ، هذا هو الأصل.

ويدخل تحت هذا الأصل:

١- أمر الله لنبيه - صلى الله عليه وسلم - ونهيه له، فإن الأمة تشاركه ما لم يثبت الاختصاص (٣) ، قال ابن تيمية: "....ولهذا كان جمهور علماء الأمة على أن الله إذا أمره بأمرٍ أو نهاه عن شيء كانت أمته أسوة له في ذلك، ما لم يقم دليل على اختصاصه بذلك" (٤) .

٢- ويدخل تحت هذا الأصل: أفعاله - صلى الله عليه وسلم - فإن الأمة تتأسى بأفعاله إلا ما خصه الدليل (٥) .

٣- ويدخل تحت هذا الأصل أيضًا أمره - صلى الله عليه وسلم - لأمته ونهيه لها، فإن طاعته - صلى الله عليه وسلم - واجبة وجوبًا عامًا مطلقًا، بل إن طاعته في أوامره أوكد من الاقتداء به في أفعاله؛ لأن أفعاله قد تكون خاصة به - صلى الله عليه وسلم -.

قال ابن تيمية: "وطاعة الرسول فيما أمرنا به هو الأصل الذي على كل مسلم أن يعتمده وهو سبب السعادة، كما أن ترك ذلك سبب الشقاوة، وطاعته في أمره أولى بنا من موافقته في فعل لم يأمرنا بموافقته فيه باتفاق المسلمين.

ولم يتنازع العلماء أن أمره أوكد من فعله؛ فإن فعله قد يكون مختصًا به، وقد يكون مستحبًا.


(١) "مجموع الفتاوى" (١/٢٨٠) .
(٢) انظر: "المسودة" (١٩١) .
(٣) انظر هذه المسألة فيما يأتي (ص٤١٨) من هذا الكتاب.
(٤) "مجموع الفتاوى" (٢٢/٣٢٢) .
(٥) انظر: "زاد المعاد" (٣/ ٣٠٧) .

<<  <   >  >>