للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلة والسبب فهذا ما لا يمكن حدوثه أبدًا (١) .

١٦- وكذلك فإن من الأحكام الشرعية ما يختلف من شخص لآخر، كل حسب حاله.

قال ابن القيم: «ولله سبحانه على كل أحد عبودية بحسب مرتبته، سوى العبودية العامة التي سوى بين عباده فيها.

فعلى العلم من عبودية نشر السنة والعلم الذي بعث الله به رسوله ما ليس على الجاهل، وعليه من عبودية الصبر على ذلك ما ليس على غيره.

وعلى الحاكم من عبودية إقامة الحق وتنفيذه وإلزامه من هو عليه به والصبر على ذلك والجهاد عليه، ما ليس على المفتي.

وعلى الغني من عبودية أداء الحقوق التي في ماله ما ليس على الفقير.

وعلى القادر على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بيده ولسانه ما ليس على العاجز عنهما» (٢) .

١٧- أن أحكام الدنيا تجري على الأسباب الظاهرة، ما لم يقم دليل على خلاف ذلك، قال الشافعي: «فمن حكم على الناس بخلاف ما ظهر عليهم استدلالاً على أن ما أظهروا يحمل غير ما أبطنوا بدلالة منهم أو غير دلالة لم يسلم عندي من خلاف التنزيل والسنة، وذلك أن يقول قائل: من رجع عن الإسلام ممن ولد على الإسلام قتلته ولم أستتبه، ومن رجع عنه ممن لم يولد على الإسلام استتبته.....» (٣) .

وقال ابن القيم: «........أن الله تعالى لم يُجرِ أحكام الدنيا على علمه في عباده، وإنما أجراها على الأسباب التي نصبها أدلة عليها وإن علم سبحانه وتعالى أنهم مبطلون فيها مظهرون لخلاف ما يبطنون. وإذا أطلع الله رسوله على ذلك لم يكن ذلك مناقضًا لحكمه الذي شرعه ورتبه على تلك الأٍسباب.

كما رتب على المتكلم بالشهادتين حكمه، وأطلع رسوله وعباده المؤمنين


(١) انظر: "إعلام الموقعين" (٣/٣) وما بعدها، و"إغاثة اللهفان" (١/٣٣٠) وما بعدها.
(٢) "إعلام الموقعين" (٢/١٧٦) .
(٣) "إبطال الاستحسان" (٢٤) .

<<  <   >  >>