ب- أن ما يعلم من الدين بالضرورة وهو مما اتفق عليه جزء من الفقه، وإخراجه من الفقه قول لم يعلم عن أحد المتقدمين، بل جميع الفقهاء يذكرون في كتب الفقه وجوب الصلاة، والزكاة، والحج، واستقبال القبلة، ووجوب الوضوء، والغسل من الجنابة، وتحريم الخمر والفواحش.
كما أن كون الشيء معلومًا من الدين بالضرورة أمر إضافي، فحديث العهد بالإسلام قد لا يعلم شرائع الدين فضلاً عن كونه يعلمه بالضرورة، وكثير من العلماء يعلم بالضرورة مسائل لا يعلمها الناس ألبتة.
جـ- أن الفقه لا يكون فقهًا إلا من المجتهد المستدل، الذي يعلم أن هذا الدليل أرجح، وأن هذا الظن أرجح، فالفقه هو علمه برجحان هذا الدليل وهذا الظن، وهذا الفقه الذي يختص به الفقيه علم قطعي لا ظني، فبذلك يكون المقلد للأئمة لا علم عنده، فيكون اعتقاد المقلد ليس بفقه.
٩- العوامل التي ساعدت على انتشار القول بأن الفقه أكثره ظنون:
مما يوضح بطلان هذا القول ذكر بعض العوامل التي ساعدت على انتشاره وشيوعه، فمن هذه العوامل (١) :
أ- انتشار التقليد فأصبح غالب المتفقهة أكثر ما لديهم ظن أو تقليد، إذ ينقل أحدهم مذهب إمامه ودليله بحروفه، فالعالم والإمام يكون لديه دليل يفيد القطع، وليس عند هؤلاء ذلك الدليل مفيدًا للقطع لكونهم مقلدين.
فاستطال المتكلمون لما رأوا كثرة التقليد والجهل والظنون في المنتسبين إلى الفقه والفتوى حتى أخرجوا الفقه من أصل العلم.
ب- تجريد مسائل النزاع وتأليف كتب خاصة في مسائل الخلاف، فاقتصر من صنف في هذا الباب على ما اختلف فيه الأئمة.
واشتهار أصحاب هذه التصانيف بعلم الفقه كان من الشبهة التي أوجبت للمتكلمين القول بأن الفقه من باب الظنون.
جـ- انتشار البدع، وتغير أمور الإسلام، وضعف الخلافة الإسلامية،