للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نهيًا، وهذا هو الحكم التكليفي، أما نصب الشارع علامات للدلالة على حكمه فهذه العلامات من أسباب وشروط وموانع إنما هي بيان وإظهار لهذا الحكم وإخبار وإعلام بوجوده أو انتفائه.

وعلى كل فتسمية خطاب الوضع حكمًا وجعله نوعًا من أنواع الحكم الشرعي أمر اصطلاحي، ولا مشاحة في الاصطلاح.

وبذلك يتبين أن الحكم التكليفي هو الأصل وهو المهم، لذا ساغ أن يكون هو المراد عند إطلاق الحكم الشرعي.

٢- أن الحكم الشرعي إنما يؤخذ من الشرع، إذ الحكم لله وحده، ولا يجوز إثبات حكم شرعي بغير الأدلة الشرعية التي جعلها الله طريقًا لمعرفة أحكامه، وهذا أصل عظيم من أصول هذا الدين (١) .

قال ابن تيمية: ".......فلهذا كان دين المؤمنين بالله ورسوله أن الأحكام الخمسة: الإيجاب، والاستحباب، والتحليل، والكراهية، والتحريم، لا يؤخذ إلا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلا واجب إلا ما أوجبه الله ورسوله، ولا حرام إلا ما حرمه الله ورسوله " (٢) .

٣- إذا علم أن الحكم الشرعي إنما يؤخذ عن الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - فالقول على الله بغير علم محرم، كما قال تعالى: {وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ} [النحل: ١١٦] .

قال الشافعي: « ... لا أعلم أحدًا من أهل العلم رخص لأحدٍ من أهل العقول والآداب في أن يفتي ولا يحكم برأي نفسه إذا لم يكن عالمًا بالذي تدور عليه أمور القياس من الكتاب والسنة والإجماع والعقل، لتفصيل المشتبه» (٣) .

وقال ابن قدامة: «......أنا نعلم بإجماع الأمة قبلهم على أن العالم ليس له الحكم بمجرد هواه وشهوته من غير نظر في الأدلة.........» (٤) .


(١) انظر: "إعلام الموقعين" (١/٥٠، ٥١) ، و"أضواء البيان" (٧/١٦٢ - ١٧٣) .
(٢) "مجموع الفتاوى" (٢٢/٢٢٦) .
(٣) "إبطال الاستحسان" (٣٧) .
(٤) "روضة الناظر" (١/٤٠٩، ٤١٠) .

<<  <   >  >>