(القسم الأول: المصلحة الضرورية، وتسمى درء المفاسد، وهي: ما كانت المصلحة فيها في محل الضرورة بحيث يترتب على تفويت هذه المصلحة تفويت شيء من الضروريات أو كلها، وهذه أعلى المصالح، وذلك كتحريم القتل، ووجوب القصاص.
(القسم الثاني: المصلحة الحاجية، وتسمى جلب المصالح، وهي: ما كانت المصلحة فيها في محل الحاجة لا الضرورة فيحصل بتحقيق هذه المصلحة التسهيل وتحصيل المنافع، ولا يترتب على فواتها فواتُ شيء من الضروريات، وذلك كالإجارة والمساقاة.
(القسم الثالث: المصلحة التحسينية، وتسمى التتميمات، وهي: ما ليس ضروريًا ولا حاجيًا، ولكنها من باب الجري على مكارم الأخلاق واتباع أحسن المناهج، وذلك كتحريم النجاسات.
[المسألة الثالثة: حكم الاحتجاج بالمصلحة المرسلة]
جلب المصالح ودرء المفاسد أصل متفق عليه بين العلماء، لكنهم اختلفوا في المصلحة المرسلة. فمن رأى أنها من باب جلب المصالح ودرء المفاسد اعتبرها دليلاً واحتج بها، ومن رأى أنها ليست من هذا الباب، بل رأي أن المصلحة المرسلة من باب وضع الشرع بالرأي وإثبات الأحكام بالعقل والهوى قال: إنها ليست من الأدلة الشرعية وأنه لا يجوز الاحتجاج بها ولا الالتفات إليها (١) .
قال الشيخ الشنقيطي:
"فالحاصل أن الصحابة -رضي الله عنهم- كانوا يتعلقون بالمصالح المرسلة التي لم يدل دليل على إلغائها، ولم تعارضها مفسدة راجحة أو مساوية.
وأن جميع المذاهب يتعلق أهلها بالمصالح المرسلة، وإن زعموا التباعد منها.