للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بدا له ساءه، بل يستعفي ما أمكنه ويأخذ بعفو الله ... » (١) .

فعلم بذلك أن المجتهد لا ينبغي له أن يبحث ابتداء في مسألةٍ لا تقع، أو وقوعها نادر، لكن إن سئل عن مسألة من هذا القبيل، فهذه قضية أخرى، لعل الكلام عليها أليق بمسائل الفتوى.

[المسألة الرابعة: حكم الاجتهاد]

والكلام على هذه المسألة في جهتين:

الجهة الأولى: حكم الاجتهاد إجمالاً.

الجهة الثانية: حكم الاجتهاد على التفصيل.

١- أما حكم الاجتهاد على سبيل الإجمال، فالقول بجواز الاجتهاد مذهب الجمهور (٢) .

قال ابن تيمية: «والذي عليه جماهير الأمة أن الاجتهاد جائز في الجملة» (٣) .

والأدلة على ذلك كثيرة منها:

أ- قول الله تعالى: {وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ * فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} [الأنبياء: ٧٨، ٧٩] .

دل قوله تعالى: {إِذْ يَحْكُمَانِ} على أن داود وسليمان عليهما الصلاة والسلام حكما في هذه الحادثة معًا، كل منهما بحكم مخالفٍ للآخر، ولو كان وحيًا لما ساغ الخلاف، فدل على أن الحكم الصادر من كل منهما اجتهاد.


(١) "إعلام الموقعين" (١/٧١، ٧٢) ، وانظر (١/٨٥) منه، و"تفسير ابن كثير" (٢/١٠٩) .
(٢) انظر: "الرسالة" (٤٨٧) ، و"جامع بيان العلم وفضله" (٢/٥٥) ، و"الفقيه والمتفقه" (١/١٩٩) .
(٣) "مجموع الفتاوى" (٢٠/٢٠٣) .

<<  <   >  >>