للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معناه، كما يقول ذلك من يقوله من المتأخرين، وهذا القول يجب القطع بأنه خطأ" (١) .

وقال أيضًا: "والدليل على ما قلناه إجماع السلف؛ فإنهم فسروا جميع القرآن.....وكلام أهل التفسير من الصحابة والتابعين شامل لجميع القرآن، إلا ما قد يشكل على بعضهم فيقف فيه، لا لأن أحدًا من الناس لا يعلمه، لكن لأنه هو لا يعلمه.

أيضًا فإن الله قد أمر بتدبر القرآن مطلقًا، ولم يستثن منه شيئًا لا يتدبر، ولا قال: لا تدبروا المتشابه....

ولأن من العظيم أن يقال: إن الله أنزل على نبيه كلامًا لم يكن يفهم معناه، لا هو ولا جبريل عليه السلام....

وأيضًا فالكلام إنما المقصود به الإفهام؛ فإذا لم يقصد به ذلك كان عبثًا وباطلاً، والله تعالى قد نزه نفسه عن فعل الباطل والعبث....

وبالجملة فالدلائل الكثيرة توجب القطع ببطلان قول من يقول: إن في القرآن آيات لا يعلم معناها الرسول ولا غيره.

نعم قد يكون في القرآن آيات لا يعلم معناها كثير من العلماء فضلاً عن غيرهم، وليس ذلك في آية معينة، بل قد يشكل على هذا ما يعرفه هذا، وذلك تارة يكون لغرابة اللفظ، وتارة لاشتباه المعنى بغيره، وتارة لشبهة في نفس الإنسان تمنعه من معرفة الحق، وتارة لعدم التدبر التام، وتارة لغير ذلك من الأسباب" (٢) .

٣- اتفق السلف على أن في القرآن ما لا يعلم تأويله إلا الله، كالروح، ووقت الساعة، والآجال، وهذا قد يسمى بالمتشابه (٣) .

والمراد بالتأويل (٤) الذي لا يعلمه إلا الله: معرفة الشيء على حقيقته وما يؤول إليه، أما التأويل بالمعنى الآخر: وهو تفسير الشيء ومعرفة معناه، فهذا مما


(١) "مجموع الفتاوى" (١٧/٣٩٠) .
(٢) المصدر السابق (١٧/ ٣٩٥ - ٤٠٠) .
(٣) انظر: "مجموع الفتاوى" (١٣/١٤٤) ، و"شرح الكوكب المنير" (٢/١٤٩) .
(٤) انظر (ص٣٨٥) من هذا الكتاب فيما يتعلق بمعاني التأويل.

<<  <   >  >>