للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المرتبة الرابعة: العمل المتأخر بالمدينة، فهذا هل هو حجة شرعية يجب اتباعه أو لا؟

فالذي عليه أئمة الناس أنه ليس بحجة شرعية، هذا مذهب الشافعي وأحمد وأبي حنيفة وغيرهم.

وهو قول المحققين من أصحاب مالك، وربما جعله حجة بعض أهل المغرب من أصحابه وليس معه للأئمة نص ولا دليل، بل هم أهل تقليد.

ولم أرَ في كلام مالك ما يوجب جعل هذا حجة، وهو في الموطأ إنما يذكر الأصل المجمع عليه عندهم.

فهو يحكي مذهبهم، وتارة يقول: الذي لم يزل عليه أهل العلم ببلدنا....

وإذا تبين أن إجماع أهل المدينة تفاوت فيه مذاهب جمهور الأئمة عُلم بذلك أن قولهم أصح أقوال أهل الأمصار رواية ودراية.

وأنه تارة يكون حجة قاطعة.

وتارة حجة قوية.

وتارة مرجحًا للدليل، إذ ليست هذه الخاصية لشيء من أمصار المسلمين (١) .

وقال الشيخ الأمين الشنقيطي:

" ... لأن الصحيح عنه [أي مالك] أن إجماع أهل المدينة المعتبر له شرطان:

أحدهما: أن يكون فيما لا مجال للرأي فيه.

الثاني: أن يكون من الصحابة أو التابعين، لا غير ذلك؛ لأن قول الصحابي فيما لا مجال للرأي فيه في حكم المرفوع فألحق بهم مالك التابعين من أهل المدينة فيما لا اجتهاد فيه (٢) لتعلمهم ذلك عن الصحابة.

أما في مسائل الاجتهاد، فأهل المدينة عند مالك -فالصحيح عنه- كغيرهم من الأمة، وحكي عنه الإطلاق.


(١) "مجموع الفتاوى" (٢٠/٣٠٣ – ٣١١) .
(٢) في الأصل: "فيما فيه اجتهاد" وهو خطأ مطبعي كما يظهر.

<<  <   >  >>