للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هم مقلق، أو خوفٍ مزعج، أو نعاسٍ غالبٍ، أو شغلِ قلبٍ مستولٍ عليه، أو حالِ مدافعةِ الأخبثين.

بل متى أحس من نفسه شيئًا من ذلك يخرجه عن حال اعتداله وكمال تثبته وتبينه أمسك عن الفتوى (١) .

و وعلى كل، فالضابط لحكم الإفتاء النظر إلى المصالح والمفاسد.

قال ابن القيم: «.....هذا إذا أمن المفتي غائلة الفتوى، فإن لم يأمن غائلتها وخاف من ترتب شر أكثر من الإمساك عنها أمسك عنها، ترجيحًا لدفع أعلى المفسدتين باحتمال أدناهما. وقد أمسك النبي - صلى الله عليه وسلم - عن نقض الكعبة وإعادتها على قواعد إبراهيم لأجل حدثان عهد قريش بالإسلام (٢) وأن ذلك ربما نفرهم عنه بعد الدخول فيه.

وكذلك إن كان عقل السائل لا يحتمل الجواب عما سأل عنه، وخاف المسئول أن يكون فتنة له، أمسك عن جوابه» (٣) .

وفي المسألة الآتية (أنواع الفتاوى) بيان لبعض الأحكام المتعلقة بالفتوى مما يتصل بالنظر إلى المصلحة والمفسدة.

[المسألة الرابعة: أنواع الفتاوى]

(أولاً: بالنسبة لقصد السائل فإن الأسئلة تتنوع إلى أنواع، وبحسبها تكون الفتوى: فقد يرد السؤال عن حكم الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، وقد يرد السؤال عن قول إمام بعينه، وقد يرد السؤال عما ترجح لدى المفتي.

والواجب على المفتي أن يُجيب السائل عما سألَ.

ففي القسم الأول عليه أن يبين حكم الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - إذا عرفه، لا يسعه غير ذلك.


(١) انظر: "إعلام الموقعين" (٤/٢٧) .
(٢) ورد ذلك في حديث رواه البخاري (٦/٤٠٧) برقم (٣٣٦٨) .
(٣) "إعلام الموقعين" (٤/١٥٧، ١٥٨) .

<<  <   >  >>