للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ب- وقد يكون الإفتاء واجبًا. وذلك إذا كان المفتي أهلاً للإفتاء، وكانت الحاجة قائمة، ولم يوجد مفتٍ سواه، فيلزمه والحالة كذلك فتوى من استفتاه، لقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ} [البقرة: ١٥٩] ، وقوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} [آل عمران: ١٨٧] .

وقال - صلى الله عليه وسلم -: «من سئل من علم فكتمه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة» (١) .

جـ- وقد يكون الإفتاء مستحبًا إذا كان المفتي أهلاً، وكان في البلد غيره، ولم تكن هنالك حاجة قائمة (٢) .

د- وقد يحرم على المفتي الإفتاء. وذلك إذا لم يكن عالمًا بالحكم، لئلا يدخل تحت قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بالله مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: ٣٣] .

فجعل الله القول عليه بلا علم من المحرمات التي لا تباح بحال، ولهذا حصر التحريم فيها بصيغة الحصر (٣) .

وكذلك يحرم الإفتاء فيما إذا عرف المفتي الحق؛ فلا يجوز له أن يفتي بغيره، فإن من أخبر عما يعلم خلافه فهو كاذب على الله عمدًا، وقد قال تعالى: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ} [الزمر: ٦٠] . والكاذب على الله أعظم جرمًا ممن أفتى بغير علم (٤) .

هـ- ويكره للمفتي أن يفتي في حال غضب شديد، أو جوعٍ مفرطٍ، أو


(١) انظر: "الفقيه والمتفقه" (٢/١٨٢) ، و"إعلام الموقعين" (٤/١٥٧، ٢٢٢) والحديث رواه أبو داود في "سننه" واللفظ له (٣/٣٢١) برقم (٣٦٥٨) ، وابن ماجه (١/٩٦) وما بعدها برقم (٢٦١، ٢٦٤ – ٢٦٦) ، والترمذي (٥/٢٩) برقم (٢٦٤٩) وحسنه، وصححه الألباني. انظر: "صحيح الجامع" (٢/١٠٧٧) برقم (٦٢٨٤) .
(٢) انظر: "شرح الكوكب المنير" (٤/٥٨٣) .
(٣) انظر: "إعلام الموقعين" (٤/١٧٣، ١٥٧) .
(٤) انظر: "إعلام الموقعين" (٤/١٧٣) .

<<  <   >  >>