للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مثل ما فعلوا، أصابه مثل ما أصابهم، فيتقي تكذيب الرسل حذرًا من العقوبة، وهذا قياس الطرد، ويعلم أن من لم يكذب الرسل لا يصيبه ذلك، وهذا قياس العكس" (١) .

رابعًا: ينقسم القياس باعتبار محله إلى الأقسام التالية:

أ- القياس في التوحيد والعقائد (٢) :

اتفق أهل السنة على أن القياس لا يجري في التوحيد إن أدى إلى البدعة والإلحاد، وتشبيه الخالق بالمخلوق، وتعطيل أسماء الله وصفاته وأفعاله.

وإنما يصح القياس في باب التوحيد إذا استدل به على معرفة الصانع وتوحيده، ويستخدم في ذلك قياس الأولى، لئلا يدخل الخالق والمخلوق تحت قضية كلية تستوي أفرادها (٣) {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأعْلَى} [النحل: ٦٠] ، ولئلا يتماثلان أيضًا في شيء من الأشياء (٤) {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: ١١] .

بل الواجب أن يُعلم أن كل كمالٍ –لا نقص فيه بوجه– ثبت للمخلوق فالخالق أولى به، وكل نقص وجب نفيه عن المخلوق فالخالق أولى بنفيه عنه.

ب- القياس في الأحكام الشرعية (٥) :

منع البعض إجراء القياس في جميع الأحكام الشرعية، لأن في الأحكام ما لا يعقل معناه فيتعذر إجراء القياس في مثله.

وهذا غير صحيح؛ بل كل ما جاز إثباته بالنص جاز إثباته بالقياس، لأنه ليس في هذه الشريعة شيء يخالف القياس.


(١) "مجموع الفتاوى" (٩/٢٣٩) .
(٢) انظر: "جامع بيان العلم وفضله" (٢/٧٤) ، و"الفقيه والمتفقه" (٢/٢٠٩) ، و"مجموع الفتاوى" (١٢/٣٤٩، ٣٥٠) ، و"إعلام الموقعين" (١/٦٨) وانظر (ص ٤٧٦) من هذا الكتاب.
(٣) المراد بذلك القياس الشمولي – ويسمى القياس الاقتراني – وهو ما اشتمل على النتيجة أو نقيضها، بالقوة لا بالفعل. انظر: "تسهيل المنطق" (٤٨) .
(٤) المراد بذلك القياس التمثيلي، وهو إثبات حكم في جزئي معين لوجوده في جزئي آخر لأمر مشترك بينهما. انظر "تسهيل المنطق" (٥٥) .
(٥) انظر: "مجموع الفتاوى" (١٩/٢٨٨، ٢٨٩) ، و"إعلام الموقعين" (١/٢٠٥، ٢/٣) ، و"شرح الكوكب المنير" (٤/٢٢٤، ٢٢٥) .

<<  <   >  >>