للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الأول: المراحل التي مر بها علم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة]

[- المرحلة الأولى]

تبدأ هذه المرحلة بعصر الإمام الشافعي، وتنتهي بنهاية القرن الرابع تقريبًا. وأهم ما يميز هذه المرحلة هو تدوين الإمام الشافعي لعلم أصول الفقه (١) ، وما يتصل بهذا التدوين من ظروف وأحوال.

لقد جاء الشافعي في عصر ظهرت فيه مدرستان، استقامت كل واحدة على منهج واحد معين، وكان الفقهاء إلا قليلاً يسيرون على منهج إحدى المدرستين لا يخالفونه إلى نهج الأخرى، إحدى هاتين المدرستين: مدرسة الحديث وكانت بالمدينة، وشيخها هو مالك بن أنس (٢) صاحب الموطأ.

والمدرسة الثانية: مدرسة الرأي، وكانت بالعراق، وشيوخها هم أصحاب أبي حنيفة (٣) من بعده.

لقد غلب على مدرسة الحديث جانب الرواية؛ لكون المدينة موطن الصحابة ومكان الوحي، وغلب على مدرسة الرأي جانب الرأي لعدم توافر


(١) انظر ما سيأتي (٤٦) من هذا الكتاب فيما يتعلق بتأليف الشافعي لكتاب الرسالة.
(٢) هو: مالك بن أنس بن مالك الأصبحي، إمام دار الهجرة، أحد أئمة المذاهب المتبوعة، وهو من تابعي التابعين، سمع نافعًا مولي ابن عمر رضي الله عنهما، روى عنه الأوزاعي والثوري وابن عيينة والليث بن سعد والشافعي، وأجمعت الأمة على إمامته وجلالته والإذعان له في الحفظ والتثبيت، له كتاب "الموطأ"، ولد سنة (٩٣هـ) ، وتوفي سنة (١٧٩هـ) . انظر: "تهذيب الأسماء واللغات" (٢/٧٥) ، و"شذرات الذهب" (١/٢٨٩) .
(٣) هو: النعمان بن ثابت بن كاوس، أبو حنيفة الفقيه الكوفي، إليه ينسب المذهب الحنفي، كان عالمًا عاملاً زاهدًا عابدًا، وكان إمامًا في القياس، عُرف بقوة الحجة، ولد سنة (٨٠هـ) ، وتوفي سنة (١٥٠هـ) . انظر: "وفيات الأعيان" (٥/٤٠٥) ، و"الجواهر المضيئة" (١/٤٩) .

<<  <   >  >>