للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولاً: ينقسم النسخ إلى ثلاثة أقسام:

نسخ الأخف بالأثقل، ونسخ الأثقل بالأخف، ونسخ المساوي بالمساوي.

وقد تقدم التمثيل لهذه الأقسام وبيان الحكمة في الكل (١) .

ثانيًا: ينقسم النسخ بالنظر إلى وقته إلى نسخ بعد التمكن من الفعل، وهذا هو الغالب في الأحكام المنسوخة، كاستقبال بيت المقدس، وعدة المتوفي عنها زوجها حولاً كاملاً.

وإلى نسخ قبل التمكن من الفعل كقصة إبراهيم عليه الصلاة والسلام وأمره بذبح ولده. وقد تقدم بيان مذهب السلف في هذه المسألة ومأخذهم في ذلك (٢) .

ثالثًا: ينقسم النسخ بالنظر إلى بدله إلى قسمين: نسخ إلى غير بدل –عند القائلين به– ونسخ إلى بدل، كنسخ استقبال بيت المقدس باستقبال بيت الله الحرام، فهذا القسم متفق عليه بين العلماء، وهو الموافق لقوله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة: ١٠٦] ، فالآية تدل دلالة صريحة على أن النسخ لا بد فيه من البدل؛ إذ إن الله وعد أنه لا بد للمنسوخ من بدل مماثل أو خيرٍ، فلا يزال المؤمنون في نعمة من الله لا تنقص بل تزيد، فإنه إذا أتى بخير منها زادت النعمة، وإذا أتى بمثلها كانت النعمة باقية (٣) .

ومتابعة لهذه الآية ذهب بعض أهل السنة إلى أن النسخ لا يكون إلا إلى بدل (٤) . وذهب جمهور الأصوليين (٥) إلى أن النسخ قد يكون إلى غير بدل، ومثلوا لذلك


(١) انظر (ص ٢٥٣) من هذا الكتاب.
(٢) انظر (ص ٢٥٣) من هذا الكتاب.
(٣) انظر: "مجموع الفتاوى" (١٧/١٨٤، ١٩٥) .
(٤) انظر: "الرسالة" (١٠٩، ١١٠) ، و"مجموع الفتاوى" (١٧/١٨٤، ١٩٥) ، و"الجواب الكافي" (٢٢٧) ، و"أضواء البيان" (٣/٣٦٢) ، و"مذكرة الشنقيطي" (٧٩) .
(٥) قال الآمدي: "مذهب الجميع جواز نسخ حكم الخطاب لا إلى بدل، خلافًا لبعض الشذوذ" (٣/١٣٥) . وقد وافق الخطيب البغدادي وابن قدامة وابن النجار الفتوحي من أهل السنة مذهب جمهور الأصوليين، وسيتضح أن الخلاف في هذه المسألة خلاف لفظي. انظر: "الفقيه والمتفقه" (١/٨٢) ، و"روضة الناظر" (١/٢١٥) ، و"شرح الكوكب المنير" (٣/٥٤٥) .

<<  <   >  >>