للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفرع الثاني: مذهب أهل السنة في هذه المسألة.

الفرع الثالث: الفرق بين مذهب أهل السنة ومذهب من وافقهم من أهل الكلام.

* الفرع الأول: الناس في إفادة خبر الواحد العلم أو الظن طرفان (١) :

طرف من أهل الكلام ونحوهم ممن هو بعيد عن معرفة الحديث وأهله، لا يميز بين الصحيح والضعيف، فيشك في صحة أحاديث أو في القطع بها مع كونها معلومة مقطوعًا بها عند أهل العلم بالحديث.

والطرف الثاني ممن يدعي اتباع الحديث والعمل به، فيجعل كل حديث وكل لفظ روي بإسناد ظاهره الصحة مقطوعًا به من جنس ما جزم أهل العلم بصحته، فيؤدي به ذلك إلى معارضة الحديث الصحيح والتماس التأويلات المتكلفة للجمع بينها أو أن يستدل به في مسائل علمية، مع أن أهل الحديث يعرفون غلط هذا الصنيع.

والصواب في هذه المسألة التفصيل، وترك الإجمال.

فيقال: إن خبر الواحد قد يفيد العلم وذلك إذا احتفت به القرائن، وقد يفيد الظن وذلك إذا تجرد عن القرائن، وهذا ما ذهب إليه الإمام الشافعي، والخطيب البغدادي، وابن قدامة، وابن تيمية، وابن القيم، والأمين الشنقيطي (٢) .

* الفرع الثاني: مذهب أهل السنة في هذه المسألة يمكن بيانه في أربع قواعد:

القاعدة الأولى: أن خبر الواحد إذا احتفت به القرائن أفاد العلم القاطع (٣) ،


(١) انظر: "مجموع الفتاوى" (١٣/٣٥٣) .
(٢) انظر: "الرسالة" (٤٦١، ٥٩٩) ، و"الفقيه والمتفقه" (١/٩٦) ، و"روضة الناظر" (١/٢٦٠ – ٢٦٣) ، و"مجموع الفتاوى" (١٣/٣٥١، ١٨/٤١) ، و"مختصر الصواعق" (٤٥٦، ٤٥٩) ، و"رحلة الحج" للشنقيطي (٩٧ – ٩٩) ، و"مذكرة الشنقيطي" (١٠٤) .
(٣) المقصود أن خبر الواحد يمكن أن يفيد العلم ويحصل به اليقين، وذلك فيما إذا احتفت به القرائن، وبذلك يحترز مما ذهب إليه بعض المتكلمين القائلون بأن أخبار الآحاد – بل جميع نصوص الكتاب والسنة – أدلة لفظية لا تفيد اليقين بحال من الأحوال انظر (ص٨٣- ٨٥) من هذا الكتاب.

<<  <   >  >>