للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما الاجتهاد الفاسد، فهو: الذي صدر من جاهل بالكتاب والسنة ولغة العرب، لم تتوفر فيه شروط الاجتهاد، أو صدر من مجتهد أهل للاجتهاد لكنه وقع في غير موضعه من المسائل التي لا يصح فيه الاجتهاد (١) .

قال ابن قدامة بعد ذكره لآثار عن السلف في ذم الرأي - في معرض جوابه عنها-: «قلنا هذا منهم ذم لمن استعمل الرأي، والقياس في غير موضعه أو بدون شرطه ... جواب ثانِ، أنهم ذموا الرأي الصادر عن الجاهل الذي ليس أهلاً للاجتهاد والرأي، ويرجع إلى محض الاستحسان ووضع الشرع بالرأي، بدليل أن الذين نقل عنهم هذا هم الذين نقل عنهم القول بالرأي والاجتهاد» (٢) .

ولابن القيم رحمه الله تعالى بحث نفيس في أنواع الرأي، أنقله فيما يأتي ملخصًا (٣) .

«الرأي ثلاثة أقسام: رأي باطل بلا ريب، ورأي صحيح، ورأي هو موضع الاشتباه.

والأقسام الثلاثة قد أشار إليها السلف.

فاستعملوا الرأي الصحيح، وعملوا به، وأفتوا به، وسوغوا القول به.

وذموا الباطل، ومنعوا من العمل والفتيا والقضاء به، وأطلقوا ألسنتهم بذمه وذم أهله.

والقسم الثالث سوغوا العمل والفتيا والقضاء به عند الاضطرار إليه، حيث لا يوجد منه بد، ولم يلزموا أحدًا العمل به، ولم يحرموا مخالفته، ولا جعلوا مخالفه مخالفًا للدين، بل غايته أنهم خيروا بين قبوله ورده، فهو بمنزلة ما أبيح للمضطر من الطعام والشراب الذي يحرم عند عدم الضرورة إليه.

كما قال الإمام أحمد: سألت الشافعي عن القياس فقال لي: عند الضرورة


(١) انظر في المسألة الآتية: "شروط الاجتهاد" بيان من هو أهل للاجتهاد وبيان المسائل التي يجوز الاجتهاد فيها.
(٢) "روضة الناظر" (٢/٢٤١، ٢٤٢) . وانظر: "الفتاوى الكبرى" (٦/١٤٥) .
(٣) انظر: "إعلام الموقعين" (١/٦٧ - ٨٥) .

<<  <   >  >>