للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣- بيان موافقة المعقول للمنقول:

وذلك من وجوه (١) :

أ- أن الدليل العقلي لا يمكن أن يستدل به على باطل أبدًا:

وبيان ذلك أن الحجج السمعية مطابقة للمعقول، والسمع الصحيح لا ينفك عن العقل الصريح؛ بل هما أخوان نصيران وصل الله بينهما وقرن أحدهما بصاحبه، وأقام بهما حجته على عباده، فلا ينفك أحدهما عن صاحبه أصلاً.

فالكتاب المنزل والعقل المدرك؛ حجة الله على خلقه (٢) .

ولهذا لا يوجد في كلام أحد من السلف أنه عارض القرآن بعقل ورأي وقياس، ولا قال أحد منهم: قد تعارض في هذا العقل والنقل، فضلاً عن أن يقول: فيجب تقديم العقل على النقل (٣) .

فالمقصود أن السلف كانوا متفقين جميعًا على (٤) :

- أن العقل الصريح لا يناقض النقل الصحيح.

- أن العقل الصريح موافق للنقل الصحيح.

- أن العقل المعارض للنقل الصحيح باطل ولا يكون صحيحًا.

ب- أن العلوم ثلاثة أقسام (٥) :

منها ما لا يعلم إلا بالأدلة العقلية، وذلك كثبوت النبوة وصدق الخبر، وأحسن هذه الأدلة ما بينه القرآن وأرشد إليه.

ومنها ما لا يعلم إلا بالأدلة السمعية، وذلك كتفاصيل الأمور الإلهية وتفاصيل العبادات، وذلك إنما يكون بطريق خبر الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- المجرد.


(١) انظر استكمالاً لهذه الوجوه – إن شئت – الأدلة على موافقة القياس الصحيح لنصوص الشريعة وذلك فيما يأتي (ص١٨٩) من هذا الكتاب.
(٢) انظر: "الصواعق المرسلة" (٢/٤٥٧، ٤٥٨) .
(٣) انظر: "مجموع الفتاوى" (١٣/٢٨، ٢٩، ٣٠) .
(٤) انظر المصدر السابق (١٦/٤٦٣) ، و"الصواعق المرسلة" (٣/٩٩٢) .
(٥) انظر: "مجموع الفتاوى" (١٣/١٣٧ – ١٣٩) .

<<  <   >  >>