للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن السبكي (١) عن هذا الكتاب:

"ولا أعرف في أصول الفقه أحسن من كتاب "القواطع" ولا أجمع، كما لا أعرف فيه أجل ولا أفحل من برهان إمام الحرمين (٢) . فبينهما في الحسن عموم وخصوص" (٣) .

أما كتاب "المستصفى" للغزالي فقد قام باختصاره وتهذيبه الإمام الموفق ابن قدامة وذلك في كتاب "روضة الناظر وجنة المناظر"، وسيأتي الكلام على ذلك لاحقًا (٤) .

وخلاصة القول:

أن هذه المرحلة اتسمت بغزارة المادة الأصولية المبنية على الأحاديث النبوية والآثار المروية عن الصحابة والتابعين، وذلك يمثله بوضوح كتاب ابن عبد البر وكتاب الخطيب البغدادي، كما أن هذه المرحلة تميزت بالاتجاه الحديثي المتمثل بذكر المرويات بأسانيدها، ولم يكن هذا الاتجاه قاصرًا على الرواية والتحديث بل انضم إلى ذلك الاستنباط والفهم، وإثبات القياس والاجتهاد، والدعوة إلى إعمال الرأي في حدود الشرع، والتحذير من التسرع في الفتيا وإصدار الأحكام، والتنبيه على فضل العلم وأدب أهله.

وكانت هذه المرحلة امتدادًا للمرحلة السابقة التي تمثلت في كتاب "الرسالة" للشافعي، فقد استفاد ابن عبد البر، والخطيب والبغدادي وابن السمعاني، استفادة مباشرة واضحة من آثار الشافعي. أما كتاب "الروضة" لابن قدامة فإنه يمثل نقلة


(١) هو: عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي السبكي الشافعي، تاج الدين أبو النصر، اشتغل بالقضاء، له مصنفات منها: "الإبهاج" وقد أكمله بعد أبيه، و"جمع الجوامع"، و"طبقات الشافعية الكبرى"، و"الوسطى"، و"الصغرى"، توفي سنة (٧٧١هـ) . انظر: "شذرات الذهب" (٦/٢٢١) ، و"معجم المؤلفين" (٦/٢٢٥) .
(٢) هو: عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن عبد الله الجويني، أبو المعالي الملقب بإمام الحرمين، إذ جاور بمكة أربع سنين وبالمدينة، شيخ الشافعية في زمانه المجمع على إمامته وغزارة مادته وتفننه في العلوم من الأصول والفروع والأدب وغير ذلك، من تصانيفه: "الشامل"، و"التلخيص لكتاب التقريب للباقلاني"، توفي سنة (٤٧٨هـ) . انظر: "سير أعلام النبلاء" (١٨/٤٦٨) ، و"طبقات الشافعية الكبرى" لابن السبكي (٣/٢٤٩) .
(٣) "طبقات الشافعية الكبرى" لابن السبكي (٤/٢٤، ٢٥) .
(٤) انظر ما سيأتي (ص ٥٤) من هذا الكتاب.

<<  <   >  >>