للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورأيت بعضهم قد أوغل وحلل وداخل، غير أنه حاد عن محجة الفقهاء في كثير من المسائل، وسلك طريق المتكلمين الذين هم أجانب عن الفقه ومعانيه، بل لا قبيل لهم فيه ولا دبير، ولا نقير ولا قطمير....

فاستخرت الله تعالى عند ذلك، وعمدت إلى مجموع مختصر في أصول الفقه؛ أسلك فيه محض طريقة الفقهاء، من غير زيغ عنه ولا حيد ولا جنف ولا ميل، ولا أرضي بظاهر من الكلام، ومتكلف من العبارة، يهول على السامعين، ويسبي قلوب الأغتام (١) الجاهلين، لكن أقصد لباب اللب، وصفو الفطنة، وزبدة الفهم، وأنص على المعتمد عليه في كل مسألة، وأذكر من شبه المخالفين بما عوّلوا عليه.

وأخص ما ذكره القاضي أبو زيد الدبوسي في "تقويم الأدلة" بالإيراد، وأتكلم عليه بما تزاح معه الشبهة، وينحل به الإشكال، بعون الله تعالى.

وأشير عند وصولي إلى المسائل المشتهرة بين الفريقين إلى بعض المسائل التي تتفرع عنها لتكون عونًا للناظر ... " (٢) .

وقد استفاد أبو المظفر من أبي زيد الدبوسي ونقل عنه عددًا من المباحث، وأورد عليه ورد عليه في مباحث أخرى (٣) .

وكتاب "القواطع" امتاز بتوسطه بين طريقتين: طريقة الفقهاء، وطريقة المتكلمين.

فهو لم يجرد كتابه عن الفروع الفقهية، بل أورد فيه عددًا من المسائل الفقهية، كما أنه حرر المسائل وأصل القواعد على أدلة الكتاب والسنة وما عليه سلف هذه الأمة، وقد أكثر من النقل عن الإمام الشافعي خاصة (٤) ، وعن غيره من أئمة أهل السنة.


(١) الأغتام: جمع أغتم، وهو الذي لا يفصح في كلامه. انظر: "لسان العرب" (١٢/٤٣٣) .
(٢) "قواطع الدلة" (١/٥ – ٨) .
(٣) انظر مقدمة محقق القواطع: (١/٧٣) .
(٤) انظر فهرس كتاب القواطع: (٥/٤١٤ – ٤١٥) .

<<  <   >  >>