للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤- يكون ترك العمل بالاستصحاب ظنيًّا إذا ظن ثبوت الدليل الناقل.

فهذه أربع حالات للعمل بالاستصحاب أو تركه.

إلا أنه لا بد من ملاحظة الأمور الآتية:

أ- أن الاستصحاب آخر مدار الفتوى، إذ لا يُلجأ إليه إلا عند انتفاء جميع الأدلة من الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس، وغير ذلك مما يصح الاستدلال به.

فإذا انتفت هذه الأدلة ولم توجد صح عند ذلك الأخذ بالاستصحاب، ولذلك قال ابن تيمية: "فالاستصحاب في كثير من المواضع من أضعف الأدلة" (١) .

ب- أن الاستصحاب قد يوافقه دليل خاص آخر فيقويه، وقد لا يوافقه دليل آخر فيكون مستند الاستصحاب حينئذٍ انتفاء الدليل الناقل، وهذا الانتفاء قد يكون قطعيًا وقد يكون ظنيًا، فيكون الاستصحاب كذلك (٢) .

جـ- عند العمل بالاستصحاب بناءً على انتفاء الدليل الناقل لا بد من الحذر من تحميل الاستصحاب فوق ما يستحقه.

وذلك بتوسعة العمل بالاستصحاب مع وجود النص، فإن كثيرًا ممن توسعوا في الاستصحاب فهموا من النص حكمًا أثبتوه، ولم يبالوا بما وراءه من إشارة وإيماء وإلحاق، وحيث لم يفهموا منه نفوه وحملوا الاستصحاب وجزموا بموجبه لعدم علمهم بالناقل، وعدمُ العلم ليس علمًا بالعدم، وهذا يتأتى غالبًا من نفاة القياس (٣) .

[المسألة الرابعة: حكم الأشياء قبل ورود السمع]

مذهب أهل السنة في هذه المسألة التوقف، وسيأتي بيان هذه المسألة - إن شاء الله - عند الكلام على الإباحة (٤) .


(١) "مجموع الفتاوى" (١٣/١١٢) . وانظر: (٢٣/١٥، ١٦) .
(٢) انظر المصدر السابق (١٣/١٢١، ١٢٢) .
(٣) انظر: "مجموع الفتاوى" (٢٣/١٦) ، و"إعلام الموقعين" (١/٣٣٧ - ٣٣٩) .
(٤) انظر (ص: ٣١٠) من هذا الكتاب.

<<  <   >  >>