للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على أحوال كثير من المنافقين وأنهم لم يطابق قولهم اعتقادهم.....» (١) .

وقال أيضًا: «فأحكام الرب تعالى جارية على ما يظهر للعباد، ما لم يقم دليل على أن ما أظهروه خلاف ما أبطنوه» (٢) .

١٨- أن العبرة في الأحكام الشرعية بالمقاصد والنيات، وذلك إذا ظهرت، أما إذا لم يظهر قصد ولا نية فالعبرة بالظاهر.

قال ابن القيم: «إذا ظهر قصد المتكلم لمعنى الكلام، أو لم يظهر قصد يخالف كلامه: وجب حمل كلامه على ظاهره» (٣) .

وقد ذكر ابن القيم لاعتبار النية والقصد في المعاملات والعبادات والثواب والعقاب أمثلة كثيرة (٤) .

منها: بيع الرجل السلاح لمن يعرف أنه يقتل به مسلمًا حرام باطل؛ لما فيه من الإعانة على الإثم والعدوان، وبيعه لمن يعرف أنه يجاهد به في سبيل الله طاعة وقربة.

وكذلك الحيوان يحل إذا ذبح لأجل الأكل ويحرم إذا ذبح لغير الله.

وكذلك الصوم، فلو أمسك رجل من المفطرات عادة واشتغالاً ولم ينو القربة لم يكن صائمًا.

ولو دار حول الكعبة يلتمس شيئًا سقط منه لم يكن طائفًا.

وكذلك لو جامع أجنبية يظنها زوجته أو أمته لم يأثم بذلك وقد يثاب بنيته. ولو جامع في ظلمة من يظنها أجنبية فبانت زوجته أو أمته أثم على ذلك بقصده ونيته للحرام.

ومن الأدلة على هذه القاعدة:

قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار» (٥) .

وعلل ذلك - صلى الله عليه وسلم - بأن نية كل واحد منها قتل صاحبه.

وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: «صيد البر لكم حلال وأنتم حرم ما لم تصيدوه أو


(١) "إعلام الموقعين" (٣/١٢٨) .
(٢) المصدر السابق (٣/١٢٧) .
(٣) "إعلام الموقعين" (٣/١٠٨) .
(٤) انظر المصدر السابق (٣/١٠٩ - ١١١) .
(٥) سبق تخريجه، انظر (ص ٣٤١) من هذا الكتاب.

<<  <   >  >>