للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الشافعي: "ونحكم بالإجماع ثم القياس، وهو أضعف من هذا، ولكنها منزلة ضرورة؛ لأنه لا يحل القياس والخبر موجود، كما يكون التيمم طهارة في السفر عند الإعواز من الماء، ولا يكون طهارة إذا وجد الماء، إنما يكون طهارة في الإعواز" (١) .

الضابط الثاني: أن يصدر هذا القياس من عالمٍ مؤهل (٢) ، قد استجمع شروط الاجتهاد (٣) .

الضابط الثالث: أن يكون القياس في نفسه صحيحًا، قد استكمل شروط القياس الصحيح الآتي بيانها في المسألة اللاحقة (٤) .

بهذه الضوابط الثلاثة يكون القياس صحيحًا ومعتبرًا في الشريعة، وهذا هو القياس الذي أشار إليه السلف واستعملوه، وعملوا به وأفتوا به، وسوغوا القول به (٥) ، وهو الميزان الذي أنزله الله مع كتابه، قال تعالى: {اللهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ} [الشورى: ١٧] ، وقال سبحانه: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ} [الحديد: ٢٥] .

قال ابن تيمية: "وكذلك القياس الصحيح حق، فإن الله بعث رسله بالعدل، وأنزل الميزان مع الكتاب، والميزان يتضمن العدل وما يُعرف به العدل" (٦) .

وقال ابن القيم: "فالصحيح [يعني من القياس] هو الميزان الذي أنزله مع كتابه" (٧) .

وهذا القياس من العدل الذي جاءت به الشريعة، ولا يمكن أن يقع بينهما شيء من التعارض أو التناقض (٨) .

أما القياس الذي خلا من هذه الضوابط، أو من واحد منها فهو القياس


(١) "الرسالة" (٥٩٩، ٦٠٠) . وانظر: "إعلام الموقعين" (١/٣٢، ٦٧) .
(٢) انظر: "الرسالة" (٥٠٩) ، و"جامع بيان العلم وفضله" (٢/٦١) .
(٣) انظر في شروط الاجتهاد (ص٤٧٢) من هذا الكتاب.
(٤) انظر (ص١٩٣) من هذا الكتاب.
(٥) انظر: "إعلام الموقعين" (١/١٧٦)
(٦) مجموع الفتاوى (١٠/١٧٦) .
(٧) "إعلام الموقعين" (١/١٣٣) .
(٨) انظر الأصل الثالث فيما يأتي.

<<  <   >  >>