للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرسالة، أو بلغته الرسالة لكنه لم يتمكن من تحصيل العلم.

والنوع الآخر لا يعذر به صاحبه، وذلك كمن قدر على التعلم وتمكن من العلم لكنه ترك ذلك تكاسلاً أو تهاونًا (١) .

١٢- تبين مما مضى أن شروط التكليف العائدة إلى الفعل المكلف به ترجع إلى القدرة والاستطاعة.

فإن اشتراط كون الفعل معدومًا يقصد منه تمكين المكلف من إيجاد الفعل وتحصيله؛ إذ تحصيل الحاصل محال.

وكذلك اشتراط العلم يعود إلى اشتراط القدرة فإن الجاهل عاجز عن الفعل لأنه غير متصور لما طلب منه.

قال ابن تيمية: «فمن استقرأ ما جاء به الكتاب والسنة تبين له أن التكليف مشروط بالقدرة على العلم والعمل، فمن كان عاجزًا عن أحدهما سقط عنه ما يعجزه، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها» (٢) .

[المسألة الثالثة: شروط التكليف العائدة إلى المكلف]

يشترط في الآدمي المكلف شرطان: العقل، وفهم الخطاب، ويخرج بهذين الشرطين: المجنونُ، والصبي؛ لأنهما لا يفهمان ولا يدركان خطاب الشرع، وقد يختل الفهم ويغيب الإدراك لغير هذين السببين - الجنون والصبى - وذلك: كالغفلة، والنسيان، والنوم، والسكر، والإغماء، فهل هذه الأمور مانعة من التكليف؟ وهل يشترط في المكلف - إضافة إلى العقل وفهم الخطاب - أن يكون مختارًا غير مكره؟ أو أن يكون مسلمًا غير كافر؟

هذا مجمل الكلام على شروط المكلف، أما التفاصيل فيمكن بيانها فيما يأتي:

١- المجنون غير مكلف اتفاقًا؛ لأن مقتضى التكليف الامتثالُ والطاعة،


(١) انظر: "طريق الهجرتين" (٤١٢، ٤١٣) .
(٢) "مجموع الفتاوى" (٢١/٦٣٤) .

<<  <   >  >>